|
لماذا تغيب “سورية الصامدة” و”اليمن المقاوم” عن القمة العربية في الجزائر
بقلم/ د.عبدالعزيز بن حبتور
نشر منذ: سنتين و 3 أسابيع و يومين الأربعاء 02 نوفمبر-تشرين الثاني 2022 12:12 ص
مُنذ أن خططت ونفَّذت الدوائر الغربية الرأسمالية الصهيونية لمشروعها الأسود على عالمنا العربي الذي أسموه بـ(الربيع العربي) في العام 2011م، ولازال الشعب العربي من المحيط إلى الخليج يتجرع ويلات هذا المخطط الإجرامي الدموي، منتج عنه تدمير دول عربية كانت مستقرة كـ “ليبيا، واليمن، وتونس، وجزئياً سوريا والعراق، وبروز الحروب الأهلية كظاهرة شملت تلك البلدان، وتحولت هذه البلدان إلى مرتع للعناصر والمليشيات الإرهابية في طول وعرض تلك البلدان، وحلَّت الأزمات بمختلف صورها، بما فيها ظاهرة تهجير المواطنين وشحنهم في قوارب الموت والكونتينرات إلى أوروبا وإنبات اخطر مشروع في المنطقة وهو تأسيس ما أسموه “الدولة الإسلامية” في سوريا والعراق وتاريخهم على مستوى العالم (داعش).
كل هذه الكوارث الإنسانية تم تحميلها لشعوبنا العربية في كلٍ من العراق، وسوريا، واليمن، وليبيا، وتونس، وقبلها أهلنا في فلسطين، ولبنان والصومال، نعم إنه مشروع مُصمم في دوائر الغرب الصهيوني، ونُفِّذ بخسة ودناءة برأس مال عروبي خليجي للأسف.
لكن أشرس فصول المؤامرة تم تنفيذه في الجمهورية العربية السورية والجمهورية اليمنية لسبب بسيط هو أن هذين القطرين العربيين التزما بمبدأ المقاومة ضدّ المشاريع الغربية الصهيونية الإسرائيلية، ولم تنصاع وتحتمي تحت المظلة الأمريكية.
لنأخذ الجمهورية العربية السورية كحالة من حالات تطبيق وصفة (الربيع العربي) الصهيونية عليها، ماذا قال الشيخ الأمير حمد بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء إمارة قطر ووزير خارجيتها السـابق في إحدى المقابلات التلفزيونية، قال كُنا في قطر قد تحملنا مسؤولية مشروع إسقاط النظام السوري، وشُكِّلت غرفة عمليات مكونة من دولة قطر، والمملكة السعودية، والمملكة الأردنية الهاشمية، وجمهورية تركيا، والولايات المتحدة الأمريكية، نحن الدول الخمس شكلنا غرفة عمليات لإسقاط النظام، وقدمت قطر لوحدها 137 مليار دولار في سبيل إسقاط النظام السوري، لكن الشقيقة السعودية طلبت إعادة تموضع غرفة العمليات وإعادة تشكيل الغرفة آنذاك، وعينت الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز مديراً عليها، لكن الأمير رفض المهمة وقال إن المبلغ المعتمد للمشروع ليس بكاف، وطلب مبلغ 2 ترليون دولار لكي ينجح المشروع، هكذا أورد الشيخ حمد آل ثاني وزير خارجية قطر وبلسانه تلك البيانات والمعلومات.
ناهيك عن دور الدبلوماسية القطرية ووسائل إعلامها المتعددة كقناة الجزيرة وبلغاتها المتعددة، والعديد من الطرق والوسائل الموظفة للمشروع الذي خططه لهم (جهابذة البيت الأبيض)، كما اصطفت الدول العربية والإسلامية الواقعة تحت ظلال المشروع الأمريكي الصهيوني من المحيط إلى الخليج في جوقة أوركسترا سيمفونية موحدة خلف العازف الغربي وجميعهم صوب إسقاط النظام القومي العروبي السوري.
تذكروا معي أن جميع الدول الواقعة في محور معاداة الشعب السوري البطل قد وظفت معظم طاقاتها الدبلوماسية، والسياسية، والاقتصادية، والإعلامية، خلف هذا المشروع اللعين بهدف تركيع الشعب العربي السوري ونظامه العربي القومي المعادي للحركة الصهيونية والرافض للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي الصهيوني، ويتذكر القارئ اللبيب كم كانت حجم المؤامرة على سوريا وحتى اللحظة:
أولاً: تم فتح حدود تركيا من الشمال، والأردن والكيان الصهيوني من الجنوب والبحر الأبيض ولبنان من الغرب، لتسهيل مرور المقاتلين المرتزقة من تسعة وثمانين بلدا حول العالم، بما فيها الدول الأوروبية الغربية وأمريكا، وبلدان القوقاز، لتشكيل فرق عسكرية مقاتلة وصلت للأراضي السورية للالتحاق بالخونة السوريين لتشكيل ألوية وفرق عسكرية لقتل وتدمير الشعب السوري البطل.
ثانياً: تم توفير الأموال الخليجية العربية اللازمة لتمويل تلك الجيوش من المرتزقة والخونة والقتلة، وتم إغداق تلك الأموال للقادة والأفراد لكي يستبسلوا في القتال ضدً الجيش العربي السوري.
ثالثاً: تم تجهيز جيش آخر من المحللين والإعلاميين ومراكز التحليل الاستراتيجي في العواصم الغربية مثل لندن، باريس، واشنطن، برلين، أنقرة، الرياض، الدوحة وأبوظبي، لتسهيل صناعة الأكذوبة الخبرية والإعلامية والدعائية وتنميقها وتسويقها للرأي العام العربي والدولي.
رابعاً: لعبت الدول العربية المطبعة المتصهينة دوراً قذراً في إخراج حكومة الجمهورية العربية السورية من جامعة الدول العربية، وكانوا يريدون استبدالها بعدد من المرتزقة والخونة التي موَّلتهم، وأرادوا تنصيبها بدلاً عن السلطة الوطنية في دمشق. خامساً: تعرضت الجمهورية العربية السورية لحملة عداء وتضليل من قِبَل الدول الغربية الاستعمارية القديمة الجديدة لطردها من المنظمات الدولية بشكلٍ عام، لولا ثبات وصمود الدبلوماسية السورية البطلة في دحض جميع ترهات الدول المعادية للشعب السوري، وكذلك يرجع للدور الإنساني لدولتي روسيا الاتحادية وجمهورية الصين الشعبية واستخدامهما حق النقض (الفيتو) لكانت سوريا اليوم خارج تلك المنظمات الدولية.
سادساً: السياسة الإعلامية الماجنة للماكنة الإعلامية الخليجية الموجهة ضدّ الشعب السوري وحكومته الوطنية العروبية البطلة، والعمل القذر لتلك (الإمبراطوريات) الإعلامية التابعة للدول الخليجية المتهالكة أخلاقيا، مثل شبكة الجزيرة، والعربية، والحدث، وسكاي نيوز عربيه جميعها سخَّرت كل طاقتها ضدّ سوريا البطلة المقاومة.
سابعاً: لعبت جمهورية إيران الإسلامية، وروسيا الاتحادية وحركة المقاومة الإسلامية، في كلٍ من العراق، ولبنان، وفلسطين واليمن، ومن جميع الأحرار في العالم، لعبوا دوراً هاماً ومحورياً في التضامن الإعلامي، والسياسي وحتى العسكري مع عناصر القوة في الشعب العربي السوري ونظامه المقاوم الوطني، ولهذا حدث ذلك الصمود الأسطوري لسوريا البطلة، وتمت هزيمة المشروع القذر للغرب “المتأمرك” الصهيوني.
وهكذا انتصر شعبنا السوري وحكومته البطلة ضدّ المشروع الخليجي المتصهين.
أما في الجمهورية اليمنية وعاصمتها صنعاء، فقد قاد الحبيب عبدالملك بن بدر الدين الحوثي معركة التحرير والاستقلال ضدّ دول العدوان وعددها (17) دولة عربية وإسلامية مُنذ 26 مارس 2015م، ومن ضمنها جميع بلدان التجمع الخليجي الإعْرَابي باستثناء سلطنة عمان، وكل تلك الدول المعتدية على اليمن هي منضوية تحت مظلة الولايات المتحدة الأمريكية وشريكتها في المنطقة هي الكيان الصهيوني.
خاض شعبنا اليمني معركته المصيرية غير المتكافئة مع دول العدوان طيلة ثمان سنوات إلى يومنا هذا، ولم يتبق من هذا التحالف العدواني سوى مملكة السعودية، ومشيخة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية ومعهم حفنة من الخونة اليمنيين الذي ارتضوا أن يكونوا ضمن أعداء اليمن العظيم، وحينما نضع ميزانا نسبيا بين القوى المعتدية الغاشمة للسعودية والإمارات وبين القوة العسكرية والاقتصادية والإعلامية اليمنية، نجد أن هناك بوناً شاسعاً وبعيداً فيما بينهما، فالسعودية والإمارات تمتلكان الثروات المادية والنقدية والاقتصادية ومن السلاح الحديث والتحالفات العسكرية والعلاقات الدبلوماسية والسياسية والإعلامية، ومحاولة مقارنتها بما تمتلكه اليمن وعاصمتها صنعاء، نجد بأن الفارق شاسع وكبير مثل فرق المسافة بين السماء والأرض، وكما يقولون في الأمثال بأن الفرق ما بين الثرى والثريا.
لازلنا حتى لحظة كتابة مقالنا هذا ونحن في الجمهورية اليمنية نعيش العام الثامن للعدوان السعودي الإماراتي الأمريكي الوحشي، لازالت مرتبات الموظفين في الجهازين المدني والعسكري والأمني منقطعة مُنذ ثمان سنوات متواصلة، ولازالت مطاراتنا في الحديدة وتعز وحتى صنعاء مغلقة أو محاصرة، وهناك مطارات في شبوة وحضرموت والمهرة مغلقة سوى على الأرتال العسكرية الإماراتية والسعودية، ولازالت أجزاء من وطننا اليمني تحت الاحتلال السعودي الإماراتي الأمريكي البريطاني المباشر، وجحافلهم العسكرية تسرح وتمرح في ضواحي المدن وشوارعها، كما تحتل موانئنا وجزرنا في احتلال فاضح لكل المعايير الأخلاقية والإنسانية والوطنية.
هكذا يعيش اليمن هذه الحالة المزرية من العدوان والاحتلال والحصار والتجويع، ومع ذلك فإن العاصمة صنعاء صمدت صمود الأبطال، وقدمنا من هنا من صنعاء المبادرات تلو المبادرات من اجل الحل السلمي ووقف العدوان للوصول إلى مرحلة السلام الدائم في اليمن، لكن دول العدوان السعودي والإماراتي المدعوم من النظام الأمريكي ظلت تماطل وتناور وتغالط إعلامياً منطلقة من مبدأ أن يُفرض علينا سلام هش، وأن يفرضوا شروطهم على الشعب اليمني عبر تمديد أزمنة الهُدنة التي انتهت قبل أسابيع ولم يخطوا الوسطاء من مبعوثي الأمم المتحدة أي خطوات باتجاه تمديد الهُدنة أو الاتجاه نحو الحل السياسي الذي يقود إلى السلام الشامل الكامل في اليمن.
الجمهورية اليمنية وعاصمتها صنعاء قد عرضت واستعرضت قدراتها التسليحية والتقنية واللوجستية في أكثر من مدينة يمنية وميدان تدريبي في أكثر من محافظة، والعقلاء من أعدائنا قد عرفوا مدى القوة والتقنية التي وصل إليها جيشنا اليمني البطل، وأن صمود الشعب اليمني وقواته المسلحة طيلة ثمان سنوات لهو خير دليل على مدى القوة والثبات والصمود، وأن يد القوات المسلحة ستطال أية نقطة عسكرية أو أمنية أو اقتصادية في الجزيرة العربية، وأن المماطلة والتسويف في وضع الحلول ما هو إلاّ مضيعة للوقت فحسب. السؤال الكبير (للقادة الأعْرَاب والعرب) وهم يجتمعون في القمة الحالية لعام 2022م، في الجزائر عاصمة بلد الأحرار العرب، وبلد المليون ونصف المليون شهيد، والبلد الداعم لحركة التحرر الوطني من الاستعمار و جحافله العسكرية في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، هؤلاء القادة الأعْرَاب الذين قدموا من معسكر الحركة الصهيونية، ماذا سيناقشون في قمتهم والشعب اليمني تعرض لأكثر من 300,000 غارة وقذيفة من دولتين عربيتين هما المملكة السعودية ومشيخة الإمارات وهما أعضاء في هذه القمة البائسة، ماذا سيقولون للشعب الذين لم يستلموا رواتبهم من أكثر
من ثمان سنوات و و و.
﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾
*رئيس وزراء حكومة الإنقاذ الوطني |
|
|