نعم سأوقِّعُ عليها، بل وَ(أبصمُ بالعشر) لولا أنني للأسف الشديد لا أنتمي إلى موظفي الجهاز الإداري العام للدولة.
ولو قُدِّر لي يوماً مثلاً أن أنضمَّ أَو التحق بهذا الجهاز، فسأوقِّع عليها بلا ريب وأنا مغمض العينين.
أخبروني.. ما الذي يعيبها حتى لا توقِّعوا عليها؟
إنها تدعو إلى فضيلة مثلاً؟ أم لأَنَّها تحمل طابعَ أنصار الله؟
طالما وأنصارُ الله وحلفاؤهم هم من يحكُمُ اليوم، فمن الطبيعي أن تحمل طابعَهم وأن تُرى فيها بصماتهم.
يعني من حقهم أن يعبروا عن أنفسهم وأن يطبِّقوا نظريتَهم السياسية في الحكم كما كان للذين حكموا البلاد من قبلهم الحَقُّ في التعبير عن أنفسهم وتطبيق نظرياتهم المختلفة في الحكم!
الناصريون مثلاً كان لهم رؤيةٌ سياسية مختلفة وطريقة خَاصَّة في الحكم.
كذلك الإسلاميون، فالاشتراكيون (وهؤلاء طبعاً حكايتُهم كانت حكاية وقصتهم قصة)، فالناصريون مجدّدًا، فالمؤتمريون، فالإصلاحيون، كُـلٌّ منهم كانت له رؤيةٌ سياسية مختلفة وطريقة خَاصَّة في الحكم وإدارة البلاد.
وكُلٌّ منهم، بلا شك، عمل جاهداً؛ مِن أجلِ التعبير عن نفسه وتطبيق نظريته بصورة أَو بأُخرى.
وكُلٌّ منهم أَيْـضاً كان يُفصِّلُ له دستوراً (وأحياناً دساتير) وقوانين تناسبُه وحدَه ولا تأتي إلا على مقاسه بالضبط!
فلماذا لا تتركون المجال لأنصارِ الله للتعبير عن أنفسهم وتطبيق نظريتهم ورؤيتهم في الحكم؟
يعني (جت) عليهم وحدَهم فقط وَ(قفَّلت)!
قال لك: أنصار الله انتهكوا الدستور!
أخبروني.. أي دستورٍ هذا الذي انتهكه أنصار الله اليوم؟
الدستورُ الذي أدرتم له ظهورَكم يوم تركتم الطائراتُ السعوديّة المغيرة تقصفُ وتحرق صعدة في الحرب السادسة 2009؟
أم الدستور الذي غيَّبتموه عمداً عن حفل توقيع المبادرة الخليجية بعد أن سدَّدتم له رمية مباشرة وطعنة غادرة من الخلف؟!
أم الدستور الذي (مرمطتم) به وبكرامته الأرض في (موفمبيك) على أيدي صبية طوَّقوه بمشاريع الأقلمة والتقسيم؟
أم الدستور الذي استدعيتم باسمه عدوانَ أكثرَ من سبعَ عشرة دولة أجنبية على اليمن؟
أم أي دستور تقصدون؟
طيب.. لماذا لم نكن نسمعُكم تستحضرونه من قبلُ وتتباكون عليه كما تفعلون اليوم؟
لماذا لم نسمعكم تقولون: إن قصف صعدة مثلاً وانتهاك السيادة اليمنية في 2009 وكذلك تقاسم السلطة (فيفتي فيفتي) وفق المبادرة الخليجية وتبني مشاريع الأقلمة والتقسيم واستدعاء الأجنبي وتأييده ودعمه في عدوانه على اليمن.. مخالفٌ وانتهاك صارخٌ وفاضخٌ ليس لنصٍّ واحدٍ أَو نصَّين أَو ثلاثة وإنما لكل نصوص ومواد هذا الدستور؟!
فقط اليوم تتباكون عليه وتعدونه انتهاكاً صارخاً أن تقدَّمَ أنصار الله بمدوّنة هي في الأصل أشبه ما تكونُ بميثاق عمل أَو شرف يفرضُ على الموظفين مسؤولية الالتزام والتقيُّد بضوابط وأخلاقيات وسلوكيات العمل التي لا تخرج عن الدستور!
مع أنهم تركوا المجالَ مفتوحاً وقابلاً للنقاش والمراجعة والتعديل بحسب ما جاء في فصل أحكام ختامية.
ما لكم كيف تحكمون؟
عُمُـومًا.. أيَّاً كان موقفُكم ونظرتُكم لهذه المدونة إلا أنها تظل نابعةً عن موقفٍ ونظرة سياسية محضة ليست إلا من باب المكايدة فقط!
يعني المسألة لا هي لا دستور ولا هي أم الصبيان.. ولا هم يحزنون.
أما أنا.. فأقولها وبالفم المليان:
سأوقّع على هذه المدونة ولو مغمضَ العينين، لولا أنني في الحقيقة لا انتمي إلى موظفي الجهاز الإداري العام للدولة.