بعيدًا عن الردود الانفعالية الصحيحة والخاطئة والسلبية والإيجابية، أحببتُ التذكيرَ ببعض الأمور الهامة.
فالله سبحانَه يقول في سورة فُصِّلَت:
وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ، ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ.
ونحن دائماً ننسى هذا التوجيه الإلهي.. ونتجهُ للغضب لأنفسنا حين نواجهُ إساءةً بسيطة.. فنعزّزُ حالةَ السخط على الآخرين، والبعض يصلُ به الأمر إلى البغي أَو الثأر أَو الانتقام..
ويقول في سورة المؤمنون:
دْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ، نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ.
ونحن ندفع بالتي هي أسوأ الحسنةَ في كثير من الأحيان.
ويقول في النحل:
ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ.
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ.
ونحن نبادرُ إلى أقسى الردود وأصلب العبارات وأسوئِها أحياناً.
ولا نلتزمُ حالاتِ المماثلة في الرد أَو الصبر، كما وجّهنا اللهُ إليه في الآيات التي تلت الآية السابقة.
حيث يقول:
وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ، وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ.
وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ.
إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ.
والله يقول أَيْـضاً في سورة الرعد في وصف أولي الألباب:
أنهم يدرءون بالحسنة السيئة
إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا۟ الأَلبَـٰبِ.
الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنقُضُونَ المِيْثَاقَ.
وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ.
وَالَّذِينَ صَبَرُوا۟ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِم وَأَقَامُوا۟ الصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُوا۟ مِمَّا رَزَقْنَـٰهُمۡ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدرَءُونَ بِالحَسَنَةِ السَّیِّئَةَ أُو۟لَـٰۤئكَ لَهُم عُقْبَى الدَّارِ.
ونحن هل أعرضنا عن اللغو يوماً كما وجهنا الله في سورة القصص، أم أننا نرد على كُـلّ شيء وبكل شيء.
أُولَٰئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ.
وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ.
وبصدق هل نستحضر مثل هذه الآيات حين يساء إلينا..
كم نحن بحاجة إلى الالتزام بتوجيهات الله لنرتاح نحن قبل أن نريح غيرنا.. وللأسف كم نحن بعيدون عن أخلاق هذه الآيات.. ولا حول ولا قوة إلَّا بالله العلي العظيم..
وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ…
وبالتأكيد ليست كُـلّ الحالات متطابقة مع ما تقدم، فقد تكون هناك وضعيات ومعطيات تبرّر للبعض ارتفاع صوتهم لشدة ما لحق بهم من ظلم فالله يقول:
لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ، وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا.
وحالات أُخرى، قد لا يكون الصبر والعفو فيها مجديا ولا عمليًّا وتستدعي رد السيئة بمثلها
كما قال الله: وَالَّذِينَ إذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ.
وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا، فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ.
وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ.
إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأرض بِغَيْرِ الْحَقِّ، أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.
وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ.
نسأل اللهَ العفوَ والسلامةَ لنا ولكم جميعاً.