في كُـلّ يومٍ يمر، تنتزعُ ملائكة الله أرواحَ الكثير من الناس من حولنا، ونشعر بالموت حين يكون المأمور بالقبض عليهم من أقربائنا ومعارفنا.
ونحن نقرأ جميعاً آيات الحديث عن الموت، ولكننا قليلًا ما نعتبر أَو نتعظ أَو نتذكر مصيرنا المحتوم تذكراً يدفعنا إلى العمل ويحفزنا على التوبة ويشدنا إلى التقوى.
ورغم إيمَــاننا بالموت كقضيةٍ حتمية ومصير لا بدَّ منه..
“كُلُّ نَفْسٍ ذَائقَةُ الْمَوْتِ، وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَـامَةِ، فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ، وَمَا الْحَيَوةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَـاعُ الْغُرُورِ”.
“أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ”.
“كُلُّ نَفْسٍ ذَائقَةُ الْمَوْتِ، وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَة، وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ”.
إلا أن الكثير من الناس لا يقفون مواقف الحق أَو يضعفون أَو يؤثرون الاستسلام هرباً منه، وهذا سيكون سبباً في قصف أعمارهم.. فالله يقول: “قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَو الْقَتْلِ وَإذَا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا”.
ويقول: “أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا”.
ويقول: “قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ”.
وفي حقيقة الأمر فَـإنَّ خوفنا الحقيقي من الموت ورغبتنا الفطرية في الابتعاد عنه ناتج عن سوء أعمالنا وما قدمته أيدينا، كمن قال الله عنهم: “قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخرة عِندَ اللَّهِ خَالِصَة مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَـدِقِينَ”.
“وَلَن يَتَمَنوّه أَبَدَا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ”.
“وَلَوْ تَرَى، إذ الظَّـلِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَـئكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أنفسكُمُ”.
“الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَـتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ”.
أو تقصيرنا في الأعمال الصالحات.
“حَتَّى إذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ”.
“لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ”.
“وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَـكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أجل قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّـلِحِينَ”.
“وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إذَا جَاءَ أَجَلُهَا، وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ”.
حتى من ينكرون البعث ويقولون:
“وَقَالُوا أَءِذَا ضَلَلْنَا فِي الأرض أَءِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ، بَلْ هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ”.
كان الجواب عليهم:
“قُلْ يَتَوَفّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ”.
وسيتمنون أن تتاح لهم الفرصة للعودة من جديد كي يعملوا صالحاً.
كما قال الله عنهم:
“وَلَوْ تَرَى إذ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ”.
نسأل الله أن يوفقنا للعمل الصالح المقبول عنده، وأن لا يجعلنا ممن يبهرهم الموت وتباغتهم المنية وهم في دائرة المقصرين، ويحشرون إلى الله وقد فاتتهم التوبة، وضاعت عليهم الفرصة.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.