هَذَا نِدَاءٌ إلى النَّاس جَمِيْعَاً! «عَلى هَذَا يُرَاهِنُ العُدْوَان فتَنَبَّهوا»
(الحلقة الأولى)
الجميع يعلم أن الحرب الأمريكية-الغربية- الصهيونية- الخليجية- التي أعلنت من واشنطن على الشعب اليمني، لم تكن حرباً عادية ولا تقليدية، بل كانت حرباً عالمية مركبة احتشدت فيها عشرون دولة على رأسها أمريكا وبريطانيا وفرنسا والصهاينة والسعودية والإمارات، وبمشاركة دول وأنظمة عربية وغربية أخرى، وقد تعاضدت مكونات الحرب على اليمن من أكبر وأحدث ترسانة الأسلحة وأخطرها فتكا على الحياة، وأوفر وأكبر الخزائن المالية في العالم.
والجميع يعلم أن تحالف العدوان والحرب الإجرامية بقيادة أمريكا، حشد للحرب على الشعب اليمني عشرات الجيوش ومئات الألوف من المرتزقة والمستأجرين من اليمن والسودان ومن كل الأصقاع، من أمريكا وبلاك ووتر ومن استراليا وحتى من جزر سلمان البعيدة جيء بالمأجورين ليشاركوا في هذه الحرب البشعة.
والجميع يعلم أن تحالف العدوان الذي قادته وتقوده أمريكا، استخدم في هذه الحرب الإجرامية أفتك وأذكى وأحدث الأسلحة وأخطرها على الحياة، منها المحرمة والحارقة وحتى الذرية، ومنها البيولوجية والجرثومية التي نشرت الأمراض والأوبئة والكوليرا وأوبئة أخرى لم تتمكن المختبرات من كشفها حتى الآن.
والجميع يعلم أن هذه الحرب البشعة الغادرة على الشعب اليمني، شَنّتْ نصف مليون غارة قتلت وجرحت مائة ألف أو يزيدون من الرجال والنساء والأطفال الصغار، ودمرت البنى والمصانع والمخازن ومضخات المياه والطرقات والجسور والأسواق وصالات المناسبات والأفراح والأتراح، وقصفت الناس في كل مكان وقتلتهم بالجملة والمفرق، كما قصفت كل مظاهر الحياة وركائزها الأساسية في اليمن.
والجميع يعلم أن تحالف هذه الحرب الأمريكية الصهيونية، استخدم حرب التجويع والإبادة الجماعية الشاملة، ضمن أساليب حربه الإجرامية، فضرب منذ اليوم الأول حصاراً جوياً وبحرياً وبرياً شاملاً على اليمن، منع وصول الوقود والغذاء والدواء والسلع الأساسية إلى الشعب اليمني، منع التنقل والسفر وأغلق المطارات وأوقف الرحلات أمام كافة اليمنيين، وبالتوازي مع القصف المكثف والمركز لتدمير المقومات الاقتصادية والمعيشية مثل مخازن الغذاء والحبوب ومصانع الأغذية، شن حرب خنق وإماتة اقتصادية من نوع آخر، فقام بنقل البنك المركزي ونهب الأرصدة الاحتياطية من حسابات البنك في الخارج، وقطع رواتب الموظفين، وطبع العملات النقدية بكتل ضخمة لضرب قيمتها، كما قام بوقف أي صادرات يمنية إلى الخارج.
والجميع يعلم ويدرك المذابح والمجازر التي ارتكبها تحالف العدوان والحرب الإجرامية على الشعب اليمني طيلة ثمانية أعوام، والجميع يعلم أن تحالف العدوان والحرب والحصار والإجرام، جعل من اليمن «عاصمة المعاناة الإنسانية»، حيث تقول الأمم المتحدة إن الحرب والحصار على اليمن أحدثت أسوأ أزمة إنسانية في التاريخ، ويعلم أن هذه الحرب الإجرامية شنت من تحالفات المال والنفط والسلاح والشر والفجور، على شعب عربي مسلم فقير، فحطمته الحرب العسكرية وأماته الحصار الشامل، وتضاعفت هذه المعاناة بقطع العدوان للمرتبات وتقويض قيمة العملات وبالنهب للثروات النفطية والغازية، فمات عشرات الآلاف إلّم يكونوا مئات الآلاف جوعا ومرضا وأوبئة، وقتل خمسون ألفاً أو يزيدون من الأطفال والنساء والرجال والصغار بالغارات والقصف الجوي، واستبيح اليمن وأردوا سحقه ومحوه من الخارطة!.
والجميع يتذكر الضخ الدعائي الإعلامي الهائل والمكثف الذي استهدف الشعب اليمني، ويتذكر ما رافق حرب القتل والتدمير والإماتة والتجويع من الزيف والتضليل والدعايات الهائلة التي أطلقتها منظومة العدوان والحرب الإجرامية على الشعب اليمني.
خمسون ألف يمني قتلوا بالغارات وأكثر من مائتي ألف ماتوا بالحصار والتجويع، قصف وسحق للبشر بالطائرات والبارجات، حصار وتجويع ضد شعب كامل، وطيلة أعوام الحرب والحصار كان إعلام العدوان يبرر ويشرعن ويكذب ويزيف ويطلق الدعايات الضخمة.
كلنا نتذكر الحرب الإعلامية الدعائية الشرسة والمكثفة التي أطلقتها منظومة العدوان منذ اليوم الأول، ونتذكر العناوين والذرائع التي رفعتها منظومة العدوان والبغي لتبرير الحرب ومحاولة شرعنتها على الشعب اليمني، حتى صورت المنظومة المارقة للعالم أن اليمنيين أشرار خطيرون على الأمن والسلم الدوليين.
قالوا إن الحرب هي حرب العرب على العجم والفرس، بينما هي حرب أمريكا وبريطانيا والصهاينة والغرب بتمويل السعودية والإمارات وبمشاركة الجنجويد وبلاك ووتر وألوف المرتزقة، وقالوا إن الحرب تستهدف إيران، بينما كانت حمم القذائف والصواريخ تنهمر على رؤوس اليمنيين الآمنين في الأعراس والمآتم والمستشفيات والمدارس والأسواق والبيوت والتجمعات وفي حفلات الترفيه، وفي كل مكان كان فيه يمني حي يتحرك، ولم تستهدف فرساً ولا عجماً بل يمنيين أطفالا ونساء وكبارا.
وقالوا إن الحرب هي لإعادة الشرعية والأمل إلى اليمنيين، لكننا رأيناهم غزاة يحتلون ويغزون المحافظات وينهبون الثروات ويتمركزون في المعسكرات والقواعد في المهرة وحضرموت وعدن والساحل، ويحتلون البحار وينهبون الثروات ويسرقون الكنوز الطبيعية من سقطرى ومن أعماق البحار، بل وداسوا من أسموهم بالشرعية وزجوا بهم في السجون والمعتقلات السرية وانقلبوا مرارا على الدعوى والذريعة التي أسموها «الشرعية».
ومنذ اليوم الأول كان تحالف العدوان الأمريكي الصهيوني الخليجي يرتكب المذابح، ثم تطلق ماكينته وأبواقه الإعلامية الأكاذيب والدعايات، محرضا بأن من قتلوهم هم خطيرون ومتمردون، ومضللا حين تنكشف المذبحة للعالم بالوثائق والأدلة ينفي علاقته بالمذبحة ويدعي أن «الحوثيين» – حسب تسميته – هم من ارتكبها، وحين تثبت الأدلة أن العدوان هو من قصف بطائراته وغاراته ويوثق السلاح المستخدم ونوعيته وشركته يعود العدوان أدراجه ويرمي بتصريح من مثيل «شكلنا لجنة تحقيق».
كذبوا كل يوم ألف كذبة وفي كل مذبحة أطلقوا ألف دعاية وإزاء كل موضوع وقضية نسجوا الأضاليل والدجل وخيطوها بأبواق وبيادق وماكينات إعلامية ضخمة، مارسوا الذبح والسحق لليمنيين فيما كانت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والنخبة الإعلامية والفنيّة والثقافيّة عربا وغربا وشرقا صامتة إزاء أفظع الحروب وحشية، بل وكانت اللوبيات في عواصم الغرب تنشط لتلميع صورة ووجه المجرمين وتخفي أدوارهم، ولم يكن لليمن إلا الله والشرفاء الذين وقفوا إلى جانبه من إيران أو من حزب الله أو من فلسطين أو من دول عربية أخرى.
فشل تحالف العدوان وانكسر بعدما خابت رهاناته وتكسرت جيوشه، وارتدت الحرب على منشآته ومضخاته النفطية، وفيما العدوان يلملم أوراقه اليوم يشن الحرب على الإرادة والنفوس بالأكاذيب والشائعات والدعايات والأضاليل والإثارات، ويتبع استراتيجية إعلامية زائفة وضالة ومضلة يراهن عليها في تحقيق ما فشل فيه بالحرب والحصار والتجويع، وهذا الأمر هو محور حديثنا في الحلقتين القادمتين.
هو منذ اليوم الأول اعتمد على هذه الحرب الدعائية والكاذبة، لكنه اليوم جعل منها المرتكز والأساس الاستراتيجي الذي يراهن عليه ويستخدمه في كسر الإرادة، وهو ما يحتم علينا توضيحها تحت هذا العنوان في الحلقات المقبلة.