الأمن بمفهومه الشامل ليس محصوراً بضبط الشغب وأخذ المتنازعين إلى القانون "القضاء" بل يتسع ليشمل مجالات عديدة على رأسها الاقتصاد والتنمية والتصنيع والإنتاج والاستيراد والتصدير وقائمة طويلة من المواضيع والمجالات المتنوعة والمتعددة.
وثمة روابط متينة بين الاقتصاد والأمن لما يشكلانه من ركائز أساسية في بناء الدولة؛ إذ يعتبر التكامل بينهما شرط ضروري لحدوث الاستقرار والنمو الاقتصادي في الشعوب والبلدان.
وفي ظل الظروف الاقتصادية العالمية الراهنة تبرز أهمية العلاقة التكاملية المهمة بين الأمن والاقتصاد بشكل كبير، وتضاعفت هذه الأهمية أمام التحديات الكبيرة التي تواجه البلدان والشعوب التي تراها أمريكا منافسة لها وفي الدول التي لا تخضع للهيمنة الأمريكية المعروفة بدول المقاومة.
ونتيجة للتحديات الاقتصادية المتجددة كل يوم، فإن طبيعية العلاقة بين الأمن والاقتصاد تصبح أكثر أهمية وأكثر متانة وترابطاً، وأكثر جدية وخطراً في العالم كله وتتضاعف الأهمية أكثر في البلدان التي يطلق عليها الغرب الرأسمالي تسمية "البلدان النامية" أو بلدان العالم الثالث، وهي تسميات لا تخلو من مغزى ومؤامرة؛ لأن الحقيقة والواقع على مدى أكثر من قرن من الزمان أن هذه البلدان التي تسمى "نامية" هي بلدان ذات ثروات ومصادر طاقة قيمتها كبيرة وهي التي يعيش عليها الغرب الرأسمالي الظالم، لأنها تحت سيطرته وتخضع لهيمنته بحبل من الأنظمة العميلة التي لن تدوم ولا يمكن أن تستمر خيانتها لشعوبها وبلدانها ولن تستمر عمالتها لأمريكا وقوى الاستكبار الغربية التي تعيش على الحروب والمؤامرات ونهب ثروات الآخرين.
كما تشن أمريكا حربا اقتصادية بكل ما تعنية الكلمة على الاقتصادات المنافسة لها عالميا وتفرض عقوبات شرسة على تلك الدول وعلى الشعوب والحكومات المناهضة لسياستها وهيمنتها الاقتصادية، مع تأجيج الصراعات العسكرية وخلخلة الأمن الداخلي لتلك البلدان وشن حروب إعلامية، كحزمة واحدة بهدف إضعاف اسقاط تلك الدول من الداخل.
النظام الاقتصاد أحادي القطب الحالي، أنتج أوضاعا اقتصادية كارثية خصوصا على شعوب دول "الثروة" التي تذهب خيراتها لصالح دول الهيمنة، فيما ينتشر فيها الفقر والفوضى الأمنية والحروب وضعف البنى التحتية، وهجرة القوى البشرية كما هاجرت الثروات.
اليوم البشرية تواجه تحديًا كبيرًا، يتمثل في كيفية استخدام النظم السياسية الحالية، لعملية إدارة العلاقات الصعبة والمعقدة ما بين الاقتصاد العالمي، وتأمين الأمن الاقتصادي داخل الدول، وإذا لم تتم عملية المواءمة ما بين اقتصاد عالمي مستدام، وأمن اقتصادي إنساني فردي، فلن يكون لأي منا المستقبل الذي يتمناه.