ليس مقبولاً أبداً أن تصبحَ صنعاءُ مِنصَّةً لتقديم رسائل الشكر والثناء لأَيِّ طرف من الأطراف المعادية للشعب اليمني، فكيف بتقديم رسائل الشكر للسعوديّة والثناءِ عليها وكأنها طرفٌ محايدٌ في هذه الحرب، لا الطرف الرئيس والمتزعم للعدوان على اليمن؟!
كان من المفترض على المبعوث الأممي أن يكونَ أكثرَ عقلانيةً ومقارَبةً للواقع، في تقديمه الإحاطةِ الأولى لمجلس الأمن من صنعاء، وألا يغرَقَ في آفاتِ رسائل الثناء والشكر لمَن لا يستحقُّ الشكر والثناء.
مغالطاتٌ أمميةٌ كبيرة، ووقاحةٌ مكرّرة، تكشَّفت للعيان من خلالِ تقديمِ مبعوث الأمم المتحدة رسائل الشكر والثناء للسعوديّة، الطرف الرئيس والمتزعم للعدوان على اليمن وحصاره وإفقار شعبه.
في الحقيقة ربما يستحيلُ أن يقدِّمَ المبعوثُ الأممي أيةَ مقاربات للواقع بخصوصِ المِلف الإنساني اليمني، طالما وعيناه مصابتانِ بعمى الألوان، فَـإنَّ كان لزاماً عليه تقديم رسائل الشكر والثناء للسعوديّة في إحاطته لمجلس الأمن الدولي من صنعاء، فمن يكون المعتدي الذي يستحقُّ العقابَ بنظر الأمم المتحدة وبنظر مبعوثها، وهي ترى أن الطرف المعتدي الأشد عدواناً وعدوانية على اليمن وشعبه، طرفاً فاعلاً بشكل إيجابي؟!
هل مثلاً استطاعت الأممُ المتحدة إقناعَ السعوديّة ومَن معها من الدول المشاركةِ في تحالف العدوان على اليمن، بضرورةِ الاستجابة للمطالب المشروعة والمحقة للشعب اليمني، بدْءً بوقف العدوان، ورفع الحصار، والإفراج عن الأسرى، الكل مقابل الكل، ودفع التعويضات وصرف مرتبات كامل موظفي الدولة، حتى تسارع الأمم المتحدة بإرسالها رسائل الشكر والثناء للسعوديّة عبر مبعوثها إلى صنعاء، أم أن كُـلّ تلك التصريحات التي أطلقها المندوب السعوديّ لدى الأمم المتحدة، وما رافقتها من الشروط الأمريكية على لسان نائب المندوب الأمريكي في مجلس الأمن الدولي، كانت فقط مِن أجل تقويضِ الحراك الدبلوماسي من الأفكار الإيجابية التي يحملُها؛ بغية الدفع بالأمور نحو التصعيد الذي لا تُحمَدُ عُقباه.