“أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا”، كلماتٌ تحدَّثَ القرآنُ بأنها أحدُ المواقف التي اتخذها قومُ موسى أثناء مواجهةِ فرعون، والتي تفسّر في الوقت الحالي، بمَن يقولون: ماذا تغيِّر من الواقع، فالوضعُ لا يزال كما هو قبل الثورة وبعدها، فالأمور تزدادُ سوءاً أكثرَ فأكثر؟، فما الفائدة من التحَرّك إذَا لم يُرفع عنا الظلم وتتحسَّنُ أوضاعُنا المعيشية؟!
ولكن لأَنَّ موسى -عليه السلام- يدركُ طبيعةَ الصراع مع الأعداء بأنه لا بدَّ من المواجهة مع قوى الطغيان والتي تؤدي إلى نقصٍ في الأموال والأولاد والثمرات، كان جوابُ موسى على من يقولُ بهذا المنطق، منطقياً، فلم يتهمهم بالخيانة والعمالة، ولم يوبخهم على موقفهم هذا ويستهزئ بهم ويقول: “ماذا أفعل لكم كلنا نعاني ونعيش الوضع نفسه؟”.
بل كان رَدُّه حيكماً وواعياً، حَيثُ قال: “عسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأرض فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ”، يعني قال لهم: لا تنسوا أنكم تواجهون عدواً لا يتورَّعُ عن إلحاق الضرر بكم في قوتكم ورزقكم وأموالكم وكلّ ما له علاقة بحياتكم المعيشية، فعسى اللهُ أن ينصُرَنا على هذا العدوّ لتنهي المشكلة ويرفع الضر عن الناس؛ لأَنَّه إذَا نصرنا اللهُ على العدوّ فَـإنَّ اللهَ سيمكّننا من السيطرة على خيراتنا وثرواتنا لنديرها نحن ونوزعها بالشكل الذي يريد الله منا، ولذلك قال في نهاية الآية الكريمة: “فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُون”، فهل ستديرون الأمورَ بشكل صحيح أم أنكم ستنهجون نهجَ الطغاة السابقين، حينها سيكون مصيرُكم نفسَ مصيرهم؛ لأَنَّ السيطرة على الأرض والقرار هي مسؤولية وليست مغنماً.
عند إسقاط الآية والحالة النفسية لبعض أتباع موسى، نرى أنها متجسدة في واقعنا بشكل كبير، فهناك من يحاول بث روح التشاؤم واليأس في جهاد وتحَرّك الشعب اليمني بأنه لم يحقّق شيئاً وأن الأوضاع تزداد سوءاً.
ولكننا نقولُ لهم: عسى الله أن يهلكَ عدونا المتمثل في تحالف العدوان بقيادة أمريكا، وينزل اللهُ النصرَ من عنده ونتمكّن من السيطرة على ثروات بلدنا من نفط وغاز وثروة بحرية وغيرها من المعادن النفيسة، حينها سينعمُ الشعبُ اليمني بخيراتِ بلاده وتوزَّعُ الثروات التوزيعَ العادل.
لأَنَّ كُـلَّ مشاكل اليمن، سببُها الأولُ هو العدوانُ وإجراءاتُه التعسفية، وفي حال انهزم العدوانُ ستنتهي المشكلةُ بإذن الله تعالى.