التخفي خلف الأكاذيب وتحت مُسمّى التحالف
تنقضي ثمانية أعوام على الحرب الأمريكية السعودية الإجرامية على اليمن، ويبدأ بعد أيام عام تاسع، والحرب ما زالت على اليمنيين، وما زال الحصار مستمراً، ثمانية أعوام شهدت أفظع وأبشع أشكال الإجرام والطغيان، ثمانية أعوام مرت تعرضت اليمن فيها لحرب غاشمة وإجرامية، قصف بلا هوادة، وحصار شامل على كل مقومات الحياة.
حرب الثمانية أعوام على اليمن كانت هي الأكثر دموية في التاريخ، كل الحروب التي سبقتها كانت نموذجاً مصغراً فقط لما تعرضت له اليمن، استهداف للمدن والأحياء، قصف على الأسواق والعزاء والأعراس والسجون والمستشفيات والمناطق المكتظة بالناس، قتل للأطفال والنساء في منامهم وفي مدارسهم وفي كل أحوالهم، الفظائع لا تُحصى أبداً، في الأعوام التي مضت كنا نشهد كل يوم مائة مذبحة، كان يصل عدد الغارات التي تشنها طائرات تحالف العدوان بقيادة أمريكا إلى 300 غارة يومياً تزيد قليلاً أو تنقص كذلك.
حين نفذت أمريكا غزو أفغانستان واحتلاله، أعلنت أن عملية عسكرية ينفذها تحالف دولي على «طالبان»، والحال نفسه حين شنت غزو العراق، قالت إنها تقود تحالفاً دولياً، وفي كل حروبها تتخفى أمريكا تحت مسمى التحالف، وفي العدوان على اليمن، أعلن من واشنطن على لسان عادل الجبير عن تحالف دولي يشن عملية عسكرية على اليمن، والحقيقة أن الحرب أمريكية في إدارتها وفي توجيهها وفي تحديد الأهداف وحتى صيانة الطائرات وتجهيز الذخائر كان الأمريكيون هم من يقومون بذلك، الحرب أمريكية بتنفيذ وتمويل سعودي إماراتي، والتحالف كذبة تتخفى أمريكا وراءها.
الولايات المتحدة أعلنت استعدادها لتقديم دعم لوجستي واستخباراتي لعاصفة الحزم الخليجية في اليمن، مشيرة إلى أن دول الخليج، ستقوم بعمليات عسكرية في اليمن «لحماية حدود السعودية والحكومة الشرعية لليمن»، بحسب بيان للمتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي برناديت ميهان.
كان هدف الحرب التي احتشد لها المتحالفون تحت إمرة أمريكا، هو سحق اليمنيين وإعدامهم جميعاً، حيث لم يكن القصف المكثف والمروّع على المدنيين وقتل الناس بالجملة والمفرّق ولا التدمير المدمر لمقومات الحياة وسبلها فحسب، بل عمد العدوان إلى تضييق الخناق على الشعب اليمني ومحاصرته جواً وبراً وبحراً، ومنع دخول الأغذية والوقود والأدوية والمقومات الضرورية، ليحقق هدفه «سحق الجميع بلا استثناء».
كانت طائرات الحرب الإجرامية تُسقط حمم القنابل والصواريخ على رؤوس الأطفال والنساء والشباب والشيوخ والمُعزِّين والمحتفلين والمرضى في كل ربوع اليمن، وتدمر المصانع والمدارس والبنى والأسواق، وكانت الآلة الدعائية للعدوان تروّج بأن هذا القتل والتدمير والتجويع وقصف الأطفال بالصواريخ الذكية والفتاكة، بهدف إعادة الشرعية إلى اليمن، وبهدف التصدي للأخطار والمخاطر، ويُطلق الأكاذيب لتبرير تلك المذابح الدموية.
في الوقت نفسه كان تحالف العدوان الذي تشكل من أمريكا وبقيادتها بعضوية 17 دولة معلنة، وأخرى غير معلنة، يسمي نفسه «تحالف دعم الشرعية»، في وقت كان يمارس الفتك والقتل والمذابح والدمار والتجويع.
في بيان الحرب العدوانية قالت دول العدوان “إنها تشن حملة عسكرية على اليمن هدفها الوقوف إلى جانب الشعب اليمني لاسترجاع أمنه واستقراره من خلال البناء على العملية السياسية التي أطلقتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ولحماية المنطقة من تداعيات الانقلاب»، وعلى هذه الكذبة فعلت أمريكا وتحالفها ما فعلت من المجازر والمذابح المروعة بحق الشعب اليمني الذي كان آمناً وسعيداً قبل هذه الحرب التي جعلت اليمن يعيش أسوأ المجاعات في التاريخ.
السعودية التي تحاول الهروب والفرار من دفع أثمان هذه الحرب والفظائع هي مسؤولة بالأصالة عن هذه المجازر، فهي من نفذت وموَّلت وهي من تولّت دور المنفذ للحرب الإجرامية، وكما تحملت نفقات وكُلف الحرب، عليها تحمُّل أثمانها وتبعاتها.
لم تنحصر الحرب على الشعب اليمني في وجه واحد «حرب عسكرية»، بل عمد تحالف العدوان إلى إغلاق المطارات والمرافئ الحيوية ومنع سفن الوقود والغذاء والقمح والاحتياجات من الاقتراب نحو موانئ اليمن، وإمعاناً في الادعاء حاولت دول العدوان إقناع الجميع بأن محاصرة الشعب اليمني وخنق ملايين الناس، هو عمل إنساني رائع!
محاصرة المدنيين وتجويعهم تُصنَّف كجرائم حرب وإبادة، لكن تحالف العدوان زعم بأن هذه الجريمة عمل ينسجم مع القانون الدولي والمواثيق الأممية، وعلى هذه الكذبة تواطأت معه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
أدى الحصار على اليمن إلى أخطر أزمة إنسانية وتسبب في أسوأ المجاعات في التاريخ، وإذا كان العدوان قد قتل بالقصف الجوي والبري والبحري أكثر من 50 ألف يمني، فإنه أمات بالحصار أضعاف ذلك من اليمنيين، وفيما كان اليمنيون يموتون كان العالم يبيع ويشتري وكانت الأمم المتحدة تتواطأ في ذلك.
في الحرب الإجرامية على اليمن، انكشفت الصورة للعالم، فبات الجرح اليمني يصرخ من عمقه ليُدين الغرب ووكلاءه وأدواته الخليجية وغيرها التي استباحت كل محظور وفعلت من الجرم ما يخسف بها الأرض، ثمانية أعوام كشفت كل شيء، وأسقطت كل الشعارات والعناوين الأممية والدعايات الغربية والأمريكية، ثمانية أعوام كانت الحرب الأمريكية الإجرامية على اليمن تشن تحت التضليل والتعتيم الإعلامي على المذابح والفظائع، هي في الحقيقة تُسقط وتُعري كل الشعارات والعناوين التي ترفعها أمريكا والدول الغربية ومنظمات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ومن منا لا يذكر كيف كان هذا العدوان يرتكب الفظائع بتواطؤ وغطاء أممي ودولي، بزعم الشرعية المعترف بها دولياً، فراح تحت هذه الذريعة بطائراته وأساطيله وجحافله، يقتل ويدمر ويحتل ويحاصر ويُميت الأطفال في بطون أمهاتهم بالأسلحة المحرمة، متخفياً تحت مسمى تحالف دعم الشرعية.
وللحديث بقية,,