أيام معدودات تفصلنا عن شهر رمضان المبارك، هذا الشهر الكريم الذي يفضحنا أمام أنفسنا وأمام إنسانيتنا، فمنذ أول يوم يفشل رمضان في إيصال رسالة الصبر التي هي واحد من أسرار الصوم، فنجد أنفسنا لا شعورياً ونحن نلهث في الأسواق من أول يوم، نبحث عمَّا نشتريه لمائدة الإفطار، ونعود إلى بيوتنا محمَّلين بالخضار والفواكه واللحوم والألبان، فنضعها في المطبخ ونحن نبتسم كأننا عدنا من السوق بلُقى أثرية!
من أول يوم في هذا الشهر الكريم سنفقد أعصابنا، وسنتقاتل مع الناس تحت أي مبرر، وسيكون الصيام هو الحجة الوحيدة التي نتذرَّع بها، فننسى مقولة “اللهم إني صائم” لنستبدلها بمقولة “لا تحاكي صايم بعد العصر” ومن أول يوم في هذا الشهر الكريم سنُصاب بالتخمة وعُسر الهضم، نتيجة الإفراط في الأكل.. هناك من يأكل بإفراط كما لو أنها المرة الأخيرة التي سيأكل فيها، دون التنبُّه إلى أن رمضان هو شهر الصحة، وشهر الاحتماء من كثرة الأكل والدهون والأشياء التي تعود على الجسم بالضرر، لكننا نجمع كل هذه الأضرار على مائدة واحدة.
ومن أول يوم في هذا الشهر الكريم سنتقاتل على صلاة التراويح، وسيتم إغلاق بعض المساجد حتى يوافق أصحاب التراويح على فصل المايكروفونات الخارجية والاكتفاء بالسماعات الداخلية للمسجد.
يأتي رمضان ويمرُّ ولا نحقق شيئاً سوى الإخفاقات والفشل في التأقلم معه وفهمه فهماً صحيحاً، فحريٌّ بنا أن نتوازن ونحاول ألَّا ننتكس أكثر.. لكن المواطن اليمني ينقصه الكثير من الوعي بأسلوب حياته والطريقة الصحيحة التي يجب أن نتعامل بها مع رمضان، لكي نشعر بلذة الصيام وقيمته، ونستطيع تحقيق مقاصده التي شرع لأجلها.
* نقلا عن : لا ميديا