الملاحظات:
نؤكد أولاً أن النظافة في جوهرها وفاعليتها هي سلوك فردي واجتماعي قبل أي شيء آخر، وما نعانيه نحن اليمنيين من عدم نظافة الأماكن والشوارع العامة هو لعدم وعينا بهذا! هذا أولاً.. وثانياً.. وثالثاً.. ثم يأتي رابعاً دور الإدارة المحلية والجهة المختصة.
وكون الموضوع مسألة وعي اجتماعي فمناسب الإشارة إلى المنهج الياباني لغرس وترسيخ ثقافة النظافة سلوكاً في المجتمع.
المنهج الدراسي في المدارس اليابانية يتضمن النظافة نظرياً وعملياً، فبعد سبع حصص الواحدة 50 دقيقة، يوزع المعلم يومياً على الطلاب -كالمعتاد- مهام التنظيف، وليس هذا حكراً على مدرسة واحدة؛ وإنما يحدث في كل المدارس بمختلف أنحاء اليابان.
والمواطنون يُبقون وطنهم نظيفاً. ويساعد المنهج الدراسي هذا في تطوير وعي الطلاب بما يحيط بهم، وفخرهم به، وهكذا لن تجد من يرمي القمامة في مدرسة عليه تنظيفها بنفسه، ويشكل وقت التنظيف بالنسبة للطالب جزءاً من جدوله اليومي لمدة 12 عاماً من المرحلة الأساسية حتى الثانوية، وفي المنزل يتولى الوالدان تعليمه نظافة البيت وما فيه والحي الذي يسكنه.
ويبادر موظفو المكاتب وعمال المحلات الثامنة صباحاً من كل يوم بتنظيف الشوارع المحيطة بأماكن عملهم. كما يتطوع الجميع في عمليات تنظيف دورية، تشمل الطرق القريبة منهم، ليس موسمية سنوية للصورة فقط.
وفي المهرجانات والفعاليات يحفظ الحاضرون نفاياتهم معهم حتى رميها في سلة مهملات، لدرجة أن يُطلب من المدخنين إحضار منافض سجائر، وتجنب التدخين. وتنظم المحليات فعاليات تنظيف الشوارع ذات المخلفات القليلة جداً لأن الناس يلقون نفاياتهم في سلال القمامة.
ليذهل العالم مشجعو فريق اليابان لكرة القدم في بطولة كأس العالم عام 2014 بالبرازيل وعام 2018 بروسيا، وعام 2022 بقطر، إذ بقوا في المدرجات بعد المباراة لتنظيف الأماكن التي كانوا يجلسون فيها.
والعالم يركز جداً على وعي مجتمعاته بهذه المسألة، وتُسن القوانين وتُفرض الرسوم والغرامات طبقاً لدور ونوع وحجم الجهات والشركات والمحال والبيوت ومخلفات منتجاتها وقماماتها، وترسم وتنفذ البرامج والمشاريع المتنوعة لجمع المخلفات والقمامات وإعادة تدويرها أو التخلص منها.. بأساليب وطرق ومناهج عديدة ومتنوعة لا يتسع المقام لذكرها..
ونحن أصحاب دين الطهارة والإحسان -ناهيك عن النظافة- محلك سر، نبعثر المخلفات والقمامات من أبواب وشبابيك البيوت والمحال والسيارات، ونقوم عن مجالسنا وتجمعاتنا وكأن عاصفة هوجاء ألمت بها.. أين البشر دع عنك المسلمين!
التوصيات:
- على الجهات المعنية، إعداد وتعميم منهج نظري وعملي للنظافة ينفذ دورياً بكل المدارس والمعاهد والجامعات العامة والخاصة.
- على الوزارة المعنية إعداد وتعميم برنامج توعية وإرشاد دائم ومكثف ينفذ عبر جميع وسائل الاتصال والتواصل الإعلامي والاجتماعي، التقدير والاقتصاد استهلاكاً، فرز مخلفات المنزل وتوظيفها، نظافة البيت والشارع ومقار العمل، ورمي القمامة.
- المحليات ما يلي:
أ.إلزام المحلات والمطاعم والشركات والمؤسسات.. إلخ -عامة وخاصة- بنظافة محيطها.
ب. التشديد والرقابة الفاعلة على آليات جمع ورفع القمامة في الأحياء والمحلات والجهات.
ج. آلية صارمة ورسوم لأكثر وأصعب مخلفات إنتاجاً، وغرامة المخالف المضاعفة كلما كرر المخالفة، وتنفيذها دون هوادة.
د. دراسة وتسويق وتنفيذ فرص استثمارية بإشراك القطاع الخاص، في جمع وتدوير والتخلص من النفايات بأنواعها.
الفاعلية والجودة هنا تتمثل في غرس وترسيخ ثقافة النظافة في المجتمع، وتنفيذ الرسوم والغرامات دون هوادة..
وبالله التوفيق.
* نقلا عن : لا ميديا