بات الرئيس السابق دونالد ترامب أول رئيس أمريكي على الإطلاق، يمثل أمام محكمة أمريكية بتهم جنائية، وليت لائحة الاتهام تلك ذات علاقة بجرائم القتل والإبادة الجماعية التي اقترفتها إدارته في اليمن وسوريا وفلسطين وغيرها من بلدان العالم الإسلامي وغيرها، لكنها اقتصرت على اتهامات بدفعه أموالا لممثلة أفلام إباحية، وذلك قبل ست سنوات تقريبا، حين كان سيد البيت الأبيض.
-بعد مرور عشرين عاما على الغزو الأمريكي لبلاد الرافدين وقتل وتشريد الملايين من العراقيين وتدمير بلادهم، ظهر مسؤولون سابقون في إدارة الرئيس الجمهوري الأسبق جورج بوش الابن ليؤكدوا زيف وبطلان المبرر الأول لغزو واحتلال العراق والمتمثل في وجود أسلحة دمار شامل، وكل ما حدث في تلك البلاد من مجازر وفظائع وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان منذ ذلك الوقت وإلى اليوم لم تحرك ضمائر المحاكم الأمريكية ولا هيئات المحلفين فيها، ولم يوجّه إلى أي من المتورطين في الجرائم الوحشية أي تُهم أو حتى استفسارات شكلية عنها، وتعاملت مؤسسات القضاء والعدالة الأمريكية مع الأمر وكأن شيئا لم يحدث.
– غالبية الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي حدثت بحق شعوب العالم في التاريخ المعاصر، إن لم تكن جميعها تقف خلفها السياسة الخارجية لأمريكا والساسة الأمريكيون ممن تعاقبوا على البيت الأبيض، لكن لا أحد من أولئك الرؤساء تعرّض لأي مساءلة عن جرائمه. وبقيت الملاحقات الجنائية التي تعرض لها البعض على غرار الرئيس الديمقراطي الأسبق بيل كلينتون وحاليا الجمهوري ترامب ذات طابع أخلاقي يثير السخرية والاشمئزاز وكأن دماء وحقوق الملايين من البشر هي حق مستباح لأمريكا وساستها ومسئوليها.
-السياسة الخارجية للولايات المتحدة وقرارات إداراتها وتحديدا خلال القرن الماضي بعد أن صارت القطب الأوحد، لطالما كانت تتسم بالعنجهية والغطرسة والخروج السافر على القوانين والمرجعيات الدولية وتسببت في إزهاق أرواح الملايين من بني الإنسان غير أن هذه الدولة التي تزعم ريادتها للقيم والمبادئ الإنسانية وحماية الديمقراطية وحقوق الإنسان لم تتعرض لأي مساءلة أو محاسبة على جرائمها وتجاوزات رؤسائها وظلت تشعر أنها فوق كل القوانين والشرائع السماوية والأرضية ولم تتنازل يوما لتعلن مجرد اعتذار عن أي من انتهاكاتها، وما أكثرها في العالم.
-حين زار الرئيس باراك أوباما اليابان إبّان فترة حكمه وأدلى ببعض التصريحات التي انطوت على ما يشبه الاعتذار عن جريمة بلاده بإلقاء القنابل الذرية على ناجا زاكي وهيروشيما واجه حملة انتقادات واسعة من مختلف الأوساط السياسية والإعلامية وحتى الحقوقية في أمريكا واعتبرت ذلك انتقاصا من شأن وعظمة الدولة الأمريكية التي من حقها أن تفعل ما تشاء وكيف يحلو لها بحقوق ودماء الناس في كل بقعة من الكرة الأرضية دون أن تطالها أي شكل من العدالة!
-لم تشهد أمريكا في تاريخها الحافل بالجرائم البشعة أي محاسبة دستورية لأي رئيس أمريكي نتيجة سياسة خارجية أو حروب عبثية سُفكت فيها أنهار من الدماء، وانطلاقا من هذه العدالة راحت تعبث بالدول والمجتمعات وأمن واستقرار الشعوب دون خوف من رقيب أو حسيب !!.