تُعَدُّ معركة بدر -التي كانت في السابع من شهر رمضان من السنة الثانية للهجرة- من أعظم المعارك التي دارت بين المسلمين والمشركين في أول الإسلام، فقد كانت معركة مصيرية مفصلية، أعقبها انتشار الإسلام، ووصوله إلى كل مكان، وقد جاءت هذه المعركة بعد أن حاولت قوى الكفر –آنذاك- أن تستخدم كل وسائلها لإجهاض هذا الدين، الذي جاء به رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» وذلك لشعور قادة وجهابذة الكفر بخطره عليهم وعلى منهجهم المنحرف، ونفوذهم ومناصبهم، واستعبادهم لمن هم دونهم، فهم يعلمون أن هذا الدين لو انتشر وكُثر أتباعه، فسوف يساويهم بمن هم دونهم من العبيد، وسيلغي عقائدهم الباطلة وعاداتهم المنحرفة، وسينهي جبروتهم وظلمهم للضعفاء، واستعبادهم للمساكين والأرقاء ..
وهذا هو حال المستكبرين اليوم، فعندما بدأ ظهور هذا المشروع القرآني، الذي أراد مؤسِّسُهُ الشهيد القائد السيد حسين بن بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه-، أن يعيد من خلاله الأمة إلى الإسلام الأصيل، ليكون لها استقلالها وحريتها وهيمنتها، فتزرع أرضها، وتأكل من خيراتها، وتحافظ على ثرواتها، وتكون قوية في مواجهة أعدائها، لم يَرُقْ ذلك للأعداء، كما نرى اليوم، فقد قام «الشيطان الأكبر» عبر قرنه وأحذيته من عملاء الداخل، بشن سبع حروب على صعدة؛ لإسكات صوت الحق، وإجهاض هذا المشروع القرآني..
وباستشهاد مؤسس المشروع القرآني، ظن الأعداء انتهاء هذا المشروع، لكن المفاجأة التي لم تخطر على بالهم كانت لهم بالمرصاد، فقد أرادت مشيئة الله لهذا المشروع أن ينمو ويزداد توسعاً، فكثر أتباعه، وحمل راية المشروع بعد استشهاد الشهيد القائد أخوه السيد القائد «عبدالملك بن بدر الدين» -حفظه الله- وأيّده، حتى أصبح الشعب اليمني تحت راية هذا المشروع، فقام الكثير من أنصاره الشرفاء بثورة عظيمة، استأصلت الفاسدين والمفسدين، الأمر الذي بثّ الرعب والخوف في وجه الاستكبار العالمي من هذا المشروع الإيماني العظيم، إذ لو تم تصديره لبقية الشعوب، لسوف ينتفض على أنظمتها العميلة، وبالتالي سيفقد الاستكبار مصالحه في المنطقة ..
لهذا قام الاستكبار، بمعية مجموعة من الدول، مع عبيده من الأنظمة الخليجية والسعودية، بشن حرب كونية على الشعب اليمني، بغية إركاعه، لكن هذا الشعب لم ولن يركع إلا لله، رغم الحرب التي شنت عليه لأكثر من ثمان سنوات، لأنه شعب متمسك برسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» الذي لم يخنع لقوى الكفر، بل راقب تحركاتهم، وبادر باعتراض قافلتهم الآتية من الشام إلى مكة بقيادة أبي سفيان، لتكون التمويل الأكبر لتجهيز الحملة العسكرية، التي كان يتم إعدادها لاستئصال شأفة المسلمين، فخرج النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» ومعه قلة من المسلمين لاعتراض القافلة، ولما خرج الجيش المكي لمواجهة المسلمين، لم يكن للنبي «صلى الله عليه وآله وسلم» بداً من مواجهتهم، فاستخدم جميع الأسباب والوسائل ( من إرسال العيون، والترصد، واختيار الموقع، ورَصِّ الصفوف، وبناء العريش لمراقبة تحركاتهم …. إلخ ).. ثم بعدها دعا الله بأن يهلك المشركين وينصر المسلمين، ورمى العدو بحفنة من تراب، وقال : (شاهت الوجوه …)، فحدث للمسلمين، بحول الله وقوته، الكثير من التأييدات الملائكية والمادية..
واقرأ آيات سورة الأنفال، ستجد تأييدات الله لهم في جميع الأحوال، وبعد ذلك حصل للمسلمين الظفر والنصر، وانتشر الإسلام، وصار المسلمون قوة ضاربة لا يستهان بها، وهرعت القبائل لتتحالف مع المسلمين، وتبني علاقاتها معهم ..
وهكذا، قام الشعبُ اليمني بجيشه ولجانه الشعبية -من خلال توجيهات قائده- بالأخذ بالأسباب، فصنع السلاح، وطوَّر الصواريخ والطائرات المسيَّرة وو…….إلخ، حتى انتصر على التحالف الغاشم، في جميع الجبهات، باعترافٍ من الأعداء أنفسِهِم، وبذلك حصلت تأييدات إلهية، وتثبيتات ملائكية لمقاتلي الجيش واللجان الشعبية، أثناء خوضهم المعارك -التي قد يطول ذكرها في هذا المقام- مع أعداء الله، والكل لا يخفى عليه ذلك ..
وبفضل من الله تعالى، أصبح الشعب اليمني أسطورة عالمية في صبره وانتصاراته، حتى صار قوة لا يُستهان بها.
وأخيراً أقول: من خلال توجيهات السيد القائد لشعبه، عبر محاضراته وأطروحاته المتواضعة، أصبحت معركة بدر مدرسة عسكرية مليئة بالعبر والمواعظ والفوائد والدروس، وباستمداد الشعب اليمني بجيشه ولجانه من هذه المدرسة المحمدية وتجسيده لتعاليمها وتوجيهاتها في واقعه، حقق الانتصارات ..
وفي القادم القريب سيحقق بمشيئة الله وفضله النصر في جميع المجالات .