الملاحظات:
في السياسة قالوا المدرسة المكــيافــليــة "الغــايــة تــبرر الوسيلة"، ومدرسة المبادئ "أوقعت على الموت أم وقع الموت عليّ؟"، وبينهما البراغماتية "المنفعة أينما كانت" ناهيك عن الأولغارشية، أينما كانت كان، إن رجا منك منفعةً فأبوابه مشرعةً لك أياً كان منبتك وما غذوك به أو معتقدك، وإن غابت حاجته منك فأنت وما خلفك أوسع لك!
قال رسول الله صلى الله وسلم عليه وآله: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا"!
منذ القوميين الذين وعدوا قومهم بالمجد والعزة والرخاء، ثم قتلوا قومهم لمجرد أن عارضوا أفكارهم، إلى الوطنيين الذين تغنوا بالوطنية وحب الوطن، ثم باعوا أوطانهم لمجرد جشع في نفوسهم، إلى الإسلاميين الذين مضوا.. عبّرَ عن فعلتهم الشاعر السياسي أحمد مطر (رحمه الله) فقال: "ودمٌ يسيل من أعلاه"! وقائلهم: دين الله يحتاج إلى الـ... أحياناً، ابتداءً بمن وعد الشعب إبان الثورة بخلافة يعم الشعب خيراتها، ووعد مراراً وتكراراً فأخلف، ثم حدثنا عن آيات المنافق، وتجسس على الناس ثم قرأ "وَلَا تَجَسَّسُوا"، وعطف قال أمير المؤمنين: "ليس لنا إلا ظاهر الناس"! إلى أن خطب في الناس عن فضل الزُّهد والشهادة، ثم نزل من المنبر ليركب السيارة المصفحة تحت الحراسة المدججة بالسلاح ذاهباً إلى وليمته الدسمة!
كلهم مروا من هنا يلعن بعضهم بعضا، أبناء مطبخ المونولوجست المصري حمادة سلطان حينما قالت المغرفة للمجرفة: يا سوداء يا معفنة. ردت عليها: أسكتي كلنا عيال مطبخ..
نحن الشعب والدول العربية الحديثة والمعاصرة في مخاض منذ أربعينيات القرن الماضي، يعدنا العلمانيون بثورة كثورة الغرب على الكنيسة تصنع الرخاء كما وجدوه، ويعدنا المُتأسلمون بخلافة تملأ الأرض عدلاً ورخاء كما مُلئت ظلماً وجورا.
ونحن الشعب بين بين، منذ العهد الذي قال عنه علاء من الجبهة الشعبية الفلسطينية: "مُذ لا زلنا نتوالد بالتبعرُر"، لا وجدنا دنيا العلمانيين ولا دين المُتأسلمين، وكلما فشلوا في دعواهم سلقونا بألسنة حداد، أن الخلل فينا ولو كنا كما هم لكان الله معنا، فكما تكونوا يولى عليكم، أم الناس على دين ملوكهم؟!
أرى نظرة السخرية والشفاه المزويّة طولاً إلى جانب تلوك همهمةً أحاديثنا، وأفعالنا تكاد لا تبين لها كلمة، ذهب كل من باع واشترى بالمستضعفين في الأرض، وتبقت الإمبراطورية البريطانية وعائلتها الحاكمة منذ 900 سنة، تأمل أي سنة اتخذتها تلكهم في كل مشاريعها!
ورغم كل هذا وذاك، ومن بين هذا وذاك، إلا أن أمل الشعب الأبي الصامد ظل قائماً، "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل"، لم يقطع أملاً في استجابة أو يقظة، أو نفحة من نفحات الرحمن تذكي ألباباً أثقلها الشركاء المتشاكسون وجلائل الأمور. فعاد لسابق عهده، وصافي منهله لا يعكره كدر، ولا تتجاذبه أهواء الغير، لينبلج فجره من رأس مران ويزحف في صبر رويداً رويدا، حتى تجلى صنعاء بأنواره، فاختطف الشعب مصيره من بين نواجذ أعدائه، وحقق بيده ما هو له في وطنه كما شاء الله عز وجل له.
التوصيات:
يقول الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه): (ط"الإمام الخميني وقف موقفاً ثابتاً، ورؤيةً صحيحةً ثابتةً حدّية: أن فلسطين، أن البلاد العربية، أن البلاد الإسلامية كلها لن تسلم من شر اليهود إلا باستئصالهم، والقضاء على كيانهم، أي شيء غير ذلك إنما هو ضياع للوقت، وإتاحة للفرصة أمام إسرائيل أن تتمكن أكثر وأكثر، حتى إنه قال -وفعلاً عندما يقول الإمام الخميني فالشواهد أثبتت أن رؤيته فعلاً واقعية في كثير من الأشياء- قال: إن إسرائيل تطمح إلى الاستيلاء على الحرمين الشريفين، وليس فقط على القدس، إسرائيل تطمح للاستيلاء على مكة المكرمة، على الكعبة المشرفة وعلى المدينة المنورة". محاضرة يوم القدس العالمي بتاريخ 28 رمضان 1422هـ -صعدة.
"اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ". سورة (ص: الآية 17).
وبالله التوفيق..
* نقلا عن : لا ميديا