“إنها حرب صليبية.. حرب جاءت بأمرٍ من الرب.. ومن لم يكن معنا فهو ضدنا”.. هكذا دشّـن الرئيسُ الأمريكي بوش عام ٢٠٠١م، حربَه العسكرية والاقتصادية والإعلامية الدعائية والنفسية ضد الإسلام والمسلمين على خلفية أحداث الـ١١ من سبتمبر، تحت شعار “الحرب على الإرهاب”، وأمرّ محذراً كُـلّ من تسول له نفسه معارضة ذلك، “ابلعوا ألسنتكم.. واصمتوا”.
على إثرها هرول قادة وزعماء العالم أجمع بما فيهم العرب والمسلمين متسابقين، معلنين تضامنهم ومباركتهم لهذه الحرب، التي جاءت بأمر الرب، أَو كما وصفت بـ”عودة المسيح”، والتي يقودها “القديس بوش الابن”، وأيدها سدنة البيت الأبيض الموقرين، وباركتها سقيفة الأمم المتحدة المبجلة، على الرغم من إيمانهم القاطع بأن تفجيرات “منهاتن” كانت مبيتة، وأنها قد نفذت لإيجاد مبرّر قوي حتى تتخذ ذريعة لذر الرماد في عيون العالم.
هذه الحرب.. بغض النظر عن شرعيتها أَو دوافعها ومبرّراتها، إذ أن الثابت الصريح أكّـد وما زال يؤكّـد حتى اللحظة أن أحداث الـ11 من سبتمبر ما كانت إلا أكبر مؤامرةٍ ابتلعتها الإنسانية، وصفت بـ”الخديعة الكبرى”، منذ الوهلة الأولى لاندلاعها، فحتى اليوم لم تقدم أمريكا للعالم برهاناً واحداً على تورط القاعدة المزعومة والطالبان فيها، أَو أن التفجيرات فعلاً كانت من صنع المسلمين والعرب، ولم تكن من تخطيط وتنفيد الصهيونية العالمية الممتدة بالصليبية المتصهينة.
عُمُـومًا.. لم تمض سوى ساعات حتى طافت الأساطيل الحربية الأمريكية العملاقة والبوارج الفتاكة محيطات وبحار العالم، وبدأت الطائرات الحديثة والصواريخ الدقيقة والقنابل الذكية، تقصف وتدمّـر وتقتل وترتكب أبشع المذابح والمجازر بحق الأبرياء، وتشرد الملايين في أفغانستان.. في العراق، وهكذا نشطت الطائرات الأمريكية المسيَّرة وعناصرها الاستخباراتية في استباحتها للأرض والسيادة، في اليمن وسوريا وليبيا والسودان ومصر وباكستان ولبنان.
في غضون ذلك، ظلت الإرادَة الأمريكية هي المهيمنة والمسيطرة على قرار وتوجّـه الأنظمة العربية، وبات سفراء أمريكا هم الحكام الفعليين في المنطقة عُمُـومًا واليمن على وجه التحديد؛ إذ كان صوت “القديس بوش”، صادع في أدمغة الزعماء والحكام، “ابلعوا ألسنتكم واصمتوا”، حتى بعد أن تبدلت القيادة الأمريكية ظلت مشاريعها ونزوعها للغطرسة والهيمنة هي السائدة، واستمرت ممارسة الظلم والقمع والإيقاع بالأبرياء، الديدن الأمريكي الذي لم تحيد عنه.
غير أن مشروعاً يمانياً إيمانياً مجابهاً لتلك المشاريع ومتصدياً لتلك النزعة الشيطانية قد بدأ يتشكل فعلاً، فمن بين ركام الذلة والصمت والتخاذل العربي، ووسط عتمة الاستسلام والخضوع للشيطان الأكبر “أمريكا” في العالم الإسلامي، انبرى صوت يماني حر صرخ عاليًا “الموت لأمريكا”، ووقف في وجه مشاريعها وأخذ على عاتقه مسؤولية صناعة وترسيخ الوعي والبصيرة في إطار المشروعٍ القرآني العظيم، مستنهضًا الطاقات الحية للأُمَّـة، وباعثاً مسارها الرائد، ومنعشاً هُــوِيَّتها وتراثها وموروثها.
وكشعارٍ لهذا المشروع أطلق هذا الصوت المؤسّس، السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- شعار “الصرخة في وجه المستكبرين”، (الله أكبر.. الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام)، يوم الخميس الـ3 من ذي القعدة 1422هـ الموافق الـ17 من يناير 2002م، وأضحى هذا الشعار اليوم هدف الثوار ومبدأ الأحرار، وراية الحق التي ستسقط قوى الاستكبار، ويفضح المنافقين والفجار.