•ملامح...
..... هنا وفي هذه الرحلة القصيرة سيرافقنا شاعر مختلف...شاعر أُحكمت أبياته وقوافيه ... شاعر أدهش المعاناة فكتبته القصيدة ... و توضأت من طهره الحروف نورَ تسبيحاتها القرآنية المباركة... و صلّت في محاريب جهاده الكلمة دون أن تغفل عن سلاح الإيمان .. إنني أكتب حروفي هذه وأنا الماثل بين يديه ولا أدري هل هو الشاعر أم القصيدة؟!!!!
تحدّث كما شئت فإنك إن تحدثت عنه ستتحدث عن القصيدة ، وإذا تحدثت عن القصيدة فستجدك تتحدث عنه وياله من موقف محرج لحروفي الخجلى من التقصير .لكنها تجزم أنه مع الشعر والشعر معه ...وليت شعري هل يستطيع النثر أن يتماسك قليلاً أمام حروفه في هذه الرحلة القصيرة!! ...
•زاوية
لقد خلا عصرنا من شعراء يأتون بنماذج أدبية، وحاولت قصيدة النثر إقصاء القصيدة العمودية، وأصبح معظم الشعراء العرب مقلدين لشعراء الغرب، بالأسلوب والصورة المشوهة دون الغوص في أعماق أهدافهم إذ أن القارئ المتفحص للأدب الغربي يلحظ ماوصل إليه الشاعر العربي ، من انحطاط وتقليد أعمى لا يمت للواقع بصلة ،ولاينبس أمام الباطل ببنت شفة ،غير أن شعراء الغرب لا تخلو مسيرتهم الشعرية من القصائد في تمجيد أوطانهم والتحريض على الإسلام والمسلمين والأمم الأخرى، وليس هنا مجال الحديث عنهم و عن المُحدِثين والمُحدّثين ولكن ما أودّ أن أشير إليه هو ضبابية وغياب المدرسة الشعرية العربية الأصيلة التي تعبر عن البيئة والظروف وشؤؤون الحياة المجتمعية بمختلِف قضاياها وكان الشعر العربي موثقا لكل المراحل يقول الشهيد القائد رضوان الله عليه:
( لأن الشعر العربي يشتمل على قضايا العرب نفوسهم, لا توجد قضية ربما إلا وفيها شعر, كل قضاياهم, كل تفكيرهم, كل نظراتهم, هو داخله أساليب العرب في التخاطب, داخله الأساليب اللغوية نفسها, كذلك النثر.)
ومما يثير الاستغراب في وقتنا الحالي غربة بعض شعرائنا العرب -وليسوا جميعهم- ..فالبعض يعاني غربة الروح عن الواقع والمحيط ولا يتأثر بما يجري في محيطه من أحداث...وهنا سأتحدث بلطف عن تجربة شاعرنا المختلفة التي يندر أن يأتي الشعر العربي بأيقونات واقعية كأيقوناتها الجميلة المقتبسة من القرآن الكريم إلا في طفرات!!... فتعالوا معي في هذه السطور القليلة لنتحدث عن تجربة مختلفة لشاعر مختلف...
•الإلهام الإلهي
ضيف الله سلمان!.... والتفكير بالخمس الحواس لايكفي للحديث عنه... ويا له من ضيف ستكون حروفي في ضيافته هنا بأدب!!.. وماأجدني في هذه السطور المتواضعة الا كناقل التمر إلى هجر ...
كانت العرب تعتقد قديما أن لكل شاعر شيطانا يملي عليه مايكتب وكُتُب الأدب حافلة بهذه الأخبار وقال أحدهم:
ولي صاحب من بني الشّيصبان
فحينا اقول وحينا هو !!!
ويقال إن الشيصبان هي أكبر قبيلة في قبائل الجن ! وبغض النظر عن هذا وذاك وعن الروايات التي تناقلتها كتب الأدب، مايزال هناك من يؤمن في عصرنا هذا أن للشعراء شياطين يلقنونهم الشعر خاصة عندما يعجبون بقصائدهم وتستهويهم وتسيطر على جوارحهم وتأسر ألبابهم أما أنا فأومن أن للشاعر ضيف الله سلمان ملاكا على هيئة إلهام يملي عليه القصائد التي كانت وماتزال لها الأثر الكبير في الميادين الجهادية وستظل سارية المفعول واسعة التنوير والانتشار ،وذلك لانتمائها لهدى الله وملازم الشهيد القائد ومحاضرات السيد قائد الثورة .فيا لذلك الملاك من شاعر ويالشاعرنا من ملاك!!!
•الشعر والشعار..
في خضم بحر متلاطم بالأحداث نشأ شاعرنا المثقف بثقافة القرآن على الإيمان بالقضية ،والانتصار للمظلومية، فكان كلما ضاق به الحال يأوي إلى القرآن الكريم في جميع أمور حياته ليقيه حرارة الحرب وبرد السلام المزيف ،يعبّر به عن فرح الأمة وترحها وانتصارها وانكسارها وكل ما يتعلق بها .. ومن مبدأ الموالاة والمعاداة الذي تربى عليهما عبر عن ذلك مستجمعا مالديه حيث نجد ذلك في قوله:
يادنيا واليت علياً لن أرضى بسواه بديلْ
وبرئت من الباطل دوماً بهتافي أحييت الجيل
وكفرتُ بأمريكا لولا هي ما كانت إسرائيل
وكفى بك يارب شهيداً وكفى بك يارب وكيل
ثم يرسم الشعار في نفس هذا النص بريشة روحه الشاعرية الجهادية الغيورة على الدين فيتابع:
كبر فالله هو الأكبر قل موتوا هي خير دليل
واهتف بالموت لأمريكا وقل الموت لإسرائيل
والعن كل يهودٍ لُعنوا في التوراة وفي الإنجيل
والنصرُ لإسلامِ قسماً لو ملأوا البحر أساطيل ..
..و لا غرابة إن صنعت منه الظروف شاعرا واعيا مثقفا بثقافة الرّبيين فقد مضى مواليا لله ورسوله وتتلمذ على يد أعلام آل بيته الطيبين الطاهرين..
واتخذ من كتاب الله دستورا لكل مجالات حياته فحمل القصيدة سلاحا ضد الطغاة والمستكبرين والمجرمين متجاوزا كل الخطوط والعقبات التي تقف أمام الأمة، فصدع بما أُمر مستمدا قوته وشرعيته من دستوره القرآن الكريم وظهر تأثره بذلك في قصائده التي صُبغت شكلاً ومضموناً بثقافة قرآنية عالية فتفرد بهذا المنهج الأدبي من بين الشعراء وأضفى طابعا فريداً من واقع القرآن الكريم
وقد تشرفت القصيدة الشعرية بالفعل يوم منحها وسام مفردته المؤثرة التي سمت بها على أقرانها بتضمينه لها آيات قرآنية ....كيف لا وهو الشاعر الذي حمل الشعر والشعار ..إ
•المرحلة
حينما عصفت رياح الحروب الحَرور وخاصة تلك الحرب العَوان الظالمة على المستضعفين من أبناء هذه الأمة في اليمن عبأ شاعرنا قصيدته بذخيرة الهدى والإرادة الصلبة تلك الذخيرة التي منحه الله إياها والتي لا تنفد أبدا .وانطلق إلى جانب رفاقه وكله ثقة بالله سبحانه وتعالى بوعي ورباطة جأش وهو يتطلع إلى المستقبل المشرق إحدى عينيه على القرآن والأخرى على الحدث ونصبهما المسجد الأقصى الشريف..
فنجده هنا يطل علينا من قصيدة ترفل بسندس مفرداتها القرآنية الجميلة وفي جوهرها حماس وعزة وثقة بالله كبيرة فيقول:
(حسبُنا اللهُ) وَهْوَ نعمَ الوكيلُ!!
وهدى اللهِ نهجُنا والسبيلُ..
(حسبُنا اللهُ) صرخة بِصَدَاها
زُلْزِلَتْ أمَرِيْكا وإسْرَائيلُ!!
(حسبُنا اللهُ) كالبراكين دَوَّتْ
في وجوهِ العدى لها تفعيلُ..
كالرواسي رُؤوسُنَا شَامِخَاتٌ
ولنا في الجهادِ صَبرٌ جَميلُ..!!
ماخضعنا مدى الزمانِ لطاغٍ
مستحيلٌ خضوعنا مستحيلُ..!!
نحنُ شعبٌ أعزَّنا اللهُ حقاً
تحتَ أقدامِنا العدوُّ ذليل ..
من هدى الله قد نفرنا خفافاً
وثقالاً يقودُنا(جِبريل)ُ..!!
في أشدِّ الظروفِ عشنا كراماً
وهدى اللهِ للمعالي دليلُ..
لم ولن نَرتضِ المذلة يوماً
كيف نرضى ونحن شعب أصيلُ؟!!
شهد اللهُ أننا أهلُ بأسٍ
والهدى والتوراةُ والإنجيلُ..
والنبيُّ الكريمُ يشهدُ أنا
أهل صدقٍ ويشهدُ التنزيلُ..!!
و(من المؤمنينَ) نَحْنُ(رِجَالٌ)
ينتهي عِنْدَ وعْيِنَا التضليلُ..
وكأنَّ الغزاةَ حَقَّ عليهم
في ثرانا العذابُ والتنكيلُ!!
ثم يتابع متحدثاً عن سر هذه القوة والثبات لشعبنا العظيم المقاوم :
قوة المؤمنين باللهِ عظمى
وعلى من طَغَى مَدَاها طَويلُ..!!
عن قريبٍ(سَيُهزمُ الجمعُ)مهما
كان ظَنُّ الكثيرِ أنَّا قليلُ..!
إن ربِّي بالظالمينَ مُحيطٌ
وَلَهمْ أخْـذُهُ أليمٌ وبِيـْلُ..!!
إن تمادَوا في قصفِ{صنعاء}َ حقداً
فلقد زادَ في(الرياضِ)العَوِيلُ..!!
أمَرِيْكَا في الأرضِ تسعى فساداً
مالها في أذى الشعوبِ مثيلُ..!!
قد أحاطت بها الخطيئاتُ فعلاً
أوليست إلى السُّقوطِ تَمِيلُ..؟؟!!
ذلكم وعدُ اللهِ لا ريبَ فيهِ
سُنَّةُ اللهِ مالها تبدِيلُ....
نحن من(لاخَوفٌ عَلَيْهِمْ) لأنَّا
(حسبُنا اللهُ) وَهْوَ نعمَ الوكيلُ!!
و هكذا كلما ذهبنا من قصيدة إلى أخرى في قصائد الأستاذ ضيف نجد القرآن الكريم حاضراً فيها. حيث يجمع العذوبة بالروحية الجهادية العالية ويمزج العزة والشموخ بالمجد والحرية والكرامة...
•الشكر العملي
بالعودة إلى مابدأت به سابقا هذا المقال وواقع الشعر والانحطاط الأدبي في هذه المرحلة التي نشكو فيها من الجديد أقول إن شاعرنا جاء بتجربة أصيلة واستطاع أن يكوّن من الحروف أفعالاً لا كلمات تقال!! فسعى لاستنهاض الأمة من سباتها موظفا ثقافته القرآنية الواسعة في ذلك الهدف النبيل وساهم في نشر الوعي عبر منصة القصيدة :
قد وثقنا بالله لن تستطيعوا
معنا أيها الطواغيت صبرا!!
اجْمِعُوا كَيْدَكُمْ فمهما حشدتم
لن تنالوا من هذه الأرض شبرا
(أم حسبتم أن تتركوا)لا وربي
ياأشد الوری نفاقا وكفرا..!!
(فانظروا كيف كان عاقبة)الغازين
من قبلكم و(ذلك ذكری)!!
(َبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) بالنصرِ وعداً
قد تجلی حقاً وصدقاً وبشری..
(فعسی اللهُ أن)... وذلكَ وعدٌ...
(سوفَ يأتي)...(ليقضيَ اللهُ أمراً)!!
(حسبُنا اللَّهُ) لا إلهَ سواه
ومع العسرِ يجعلُ اللهُ يُسْرا
قسما لوتَحالفَ الإنس والجِنُْ
علينا جواً وبراً وبحراً..
قدحفرنا للمعتدين قُبورا
وتلاشوا قتلی وجرحی وأسری!!
ولنا قوةٌ و بأسٌ شديدٌ!!
وبِنا أنزلَ المهيمنُ ذكرا
(أفلم ييأسِ الذينَ)غَزَونا
ثم عادوا والكلُّ يحملُ وِزرا ؟!
(فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ)(كذلك نجزي)
وبتُوشْكا لنا مآربُ أُخرى)!!
(أفلم ينظروا)إلی كلِّ جيشّ
جاء يغزو!! من (صافر) عاد صفرا!!
قد فَتَحْنَا لهم إلی النّدب بَاباً
وأحطنا بما لدی (القوم)خُبْرا!!
(تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ)حقاً تجلّت
إن مكرتم فـ(الله أسرع مكرا)!!
ما أجمل الشعر حين يتضمن آياتٍ قرآنيةً وماأجمل الشاعر حين يوظفها في وحدة موضوعية تخدم الدين والقضية والأرض والإنسان!!
وللشاعر قصائد شعبية ملحنة ولدت من أعماقه لامست الذوق المجتمعي وزادت من وعيه بخطورة المرحلة، تتجلى فيها الهُويّة الإيمانية اليمانية الأصيلة، وينسجم معها الذوق الشعبي، وتحرض المؤمنين على القتال وتحركهم إلى الجبهات و لاريب إن قلنا إن شاعريته بشقيها الفصيح والشعبي- والتي لم نتحدث عنها هنا وإنما وقفنا أمام تجربة الشاعر لا أمام قصائده- تلك القصائد التي كان لها دور كبير في تكوين وصناعة الدفاع المقدس على أرض المعركة في ميادين الجهاد ويُعتبر ما أنجزه شكراً عملياً لله عز وجل على نعمة موهبته التي منحها له الله باستمرار ية العطاء. واستشعارا للدور المناط بالإنسان وعليك أن تتخيل معي المبدع المنشد عيسى الليث الآن وهو ينشد :
قال اليماني يا ملوك الصحرا
مهما مكرتم فالله اسرع مكرا..
ما عاد للباطل قرار..
والله محيط بما لديكم خُبْرا
والقادم اعظم والهزائم نكرا..
بعد المجازر والحصار..
نقسم بفاطر والصمد والفجرا
والقارعه والواقعه والحشرا
والغاشية والانفطار..
والفاتحة والبيّنة والعصرا..
والزلزلة والأنبياء والإِسرا..
مهزوم يا حلفَ البوار.
يالله منا الحمد لك والشكرا..
معك فِيَ السراء معك فالضرا..
ما خاب من فيك استجار..
الأمر لك وانته ولي الأمرا..
بانسألك تفرغ علينا الصبرا..
في الليل والّا في النهار..
والنصر وعدك مدّنا بالنصرا
واحنا رجالك ما نهاب الكُفرا..
يخسأ بذلة وانكسار..
والعُسْر مهما طال بعده يُسْرَا
قل للأعادي يبشروا بالقهرا
وشعبنا بالانتصار..
لبيك يا سبطَ الوصي والزهرا..
في الجو وإلا البر وإلا البحرا..
في يدَّك احنا ذو الفقار..
بالله سبحانه ثقتنا كبرى
من حلف أمريكا اللعينةَ نبرأ
في القدس نصرخ بالشعار..
على يدينا يقضى الله أمرا..
وابليس با نكسر قرونه كسرا
من قبل ما نرمي الجمار..
الليل يا البركان حان المسرى..
قل للطواغيت النهاية غبراء..
ومؤشرات الانهيار..
وأرض اليمن هي للأعادي قبرا
هذي حقيقة من جهلها يقرأ..
تـارِيخها بالاختصار.. !
وهكذا يتحول شعر الأستاذ ضيف إلى شُكر والجُمل إلى عَمل في ميادين الجهاد والتضحية دائماً... ويتلعثم حديثي لأن المقام عالٍ و كل ما يدور في الخاطر أكبر من التعبير بكثير!! وفي نهاية هذه الرحلة القصيرة المتواضعة يسألني قلمي: لِمَ لَمْ نبدأ الحديث بعد ؟! فأتمثل الرد عليه ببيتٍ جميلٍ لشاعرنا الذي رافقنا هذه الرحلة:
أيُجْدِيْ الصَّمْتُ إِنْ عَزَّ الكَلامُ؟!
وَقَبْلَ البدْءِ هَلْ يُجْدِي الخِتَامُ؟!
وتقف العبارات حائرة قبل أن نبدأ ياقلمي الرشيق !!!