ما بين شماله وجنوبه، يشهد اليمن أزمة اقتصادية مفتعلة من قبل الأدوات الرخيصة العميلة لقوى العدوان، لكن ما يحدث اليوم من فساد وعمالة بعد ما يقارب الـ 9 أعوام من العدوان، ليس بالأمر السهل على تلك المناطق التي لم تحَرّك ساكناً ضد مخطّطات العدوان ومشروع الاحتلال والاستيطان، لتكون تلك الشعوب ضحية صمتها وخنوعها حتى وصلوا اليوم إلى ما هم عليه من الفقر والامتهان والجريمة.
لا يوجد مجال للمقارنة ما بين الأوضاع في المناطق الشمالية والجنوبية، سواء اقتصاديًّا أَو أمنيًّا، وعليه فقد أثبتت حكومة الفنادق عمالتها وامتهانها لأبناء الجنوب والمتاجرة بحقوقهم ودمائهم في آن واحد، فالوضع اليوم هناك لا يحسد عليه وقد أصبح الريال اليمني في المناطق الجنوبية يحتضر مقابل العملة الصعبة؛ ما أَدَّى إلى تغول التضخم وغلاء فاحش لأسعار المواد الغذائية وغيرها من السلع، في ظل وجود للبنك المركزي اليمني في محافظة “عدن”، والتي قامت دول العدوان برعاية أمريكية ودول الاستكبار بنقله مستهدفة العملة اليمنية، ومن جانب آخر كوسيلة لإخضاع الشعب في المناطق الشمالية، لكن ما يحدث اليوم معاكس لتلك المعادلات التي قد كانت دول العدوان تعول عليها لحسم الحرب الاقتصادية، وليس الوضع الأمني مغايراً في سوئه والتي تشهده المناطق الجنوبية التي باتت لا تشعر بالأمان حتى ليوم واحد.
لا يختلف اثنان على أن الوضع في الجنوب بات على محك، فمن الضياع وإلى الدخول في مستنقعات خطيرة، حَيثُ تتحول تلك المناطق إلى بؤرة للاقتتال الداخلي ما بين ميلشيات الانتقالي ومن يسمون أنفسهم “شرعية”؛ فما يحدث اليوم هو تمهيد لمستقبل مظلم حافل بالجريمة والتهميش والاستعباد لأبناء الشعب في الجنوب بمسميات مختلفة تشير في أهدافها ما يسعى لتحقيقه العدوّ الصهيو-أمريكي علناً، هذا إذَا لم يعيد الاحتلال البريطاني نفسه بين عشية وضحاها كحاكم فعلي على الأرض، وتتلاشى بذلك كُـلّ مزاعم الانتقالي و”الشرعية”، وتبقى العين الصهيونية الطامعة محدقة على باب المندب وما حوله من الجزر اليمنية الاستراتيجية، بينما يدفع أبناء الجنوب ثمن صمتهم وخنوعهم للمحتلّ ومغالطة أنفسهم رغم تكشف الحقائق بشكل واضح لا لبس فيه، حَيثُ وإن تجربتهم السابقة مع الاحتلال البريطاني والذي حاولوا تناسيه العام 2015م، وكان تركيزهم فقط على العمل وفق ما زرعته أمريكا من أفكار مذهبية وطائفية ومناطقية.
ختاماً: في ظل الأوضاع الراهنة، لا يوجد أمام أبناء الجنوب اليمني سوى اختيار حَـلّ واحد قد انحصر ما بين الذلة والسلة، فالتهاون هو يحتم استمرارية الاحتلال والاقتتال والأزمات والمعاناة والدخول في مستنقع الضياع، أَو فلتكن ثورة شعبيّة، وليكن الله تعالى هو قائدها من خلال القرآن الكريم، فلن يعم السلام إلا بحمل السلاح، ولن تصلح الحياة إلا حينما يتحَرّك الناس لإصلاح واقعهم بقوة الحق ومواجهة التحديات، والعاقبة للمتقين.