لا ينكر أحد أن «حكومة صنعاء» حققت انتصارات واضحة في جبهات القتال وتطوير الصناعات العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار بنسبة جيدة في مناطق سيطرتها؛ ولكن أداءها في الميدان السياسي والاقتصادي والاجتماعي لم يكن بالنجاح نفسه، وهو ما جعل السيد عبدالملك الحوثي يتوعد في خطابه الأخير بمحاسبة الفاسدين.
هذا الخطاب رفع الغطاء عن «لوبي الفساد» المتوغل في أجهزة الدولة، وأتوقع أن تتبعه خطوات عملية تعيد الأمور إلى نصابها؛ لأن الوضع -بكل صراحة- خطير والمشكلة أكبر من أن تتناقلها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ولم يعد بمقدور المجتمع التعايش أكثر مع الوضع المأساوي، بسبب الحرب والحصار وانقطاع المرتبات لسنوات عديدة. والشيء المؤلم أن هناك مجموعة من الفاسدين يعيشون برخاء وترف، غير مدركين لمعاناة الكثير من الأسر.
الأخطر على «حكومة صنعاء» هو تلك القرارات العشوائية غير المدروسة التي ستتسبب بكوارث كبيرة، منها الانهيار الاقتصادي وهروب رأس المال المحلي، خاصةً في الظروف الحالية. وبالطبع لن يفكر أي مستثمر أجنبي بالاستثمار في اليمن في ظل الأوضاع الحالية، وتبعات هذا التدهور ستكون كارثية على المجتمع والدولة.
في مثل هذا الوضع ليس هناك أي مصلحة من تلك اللقاءات التي جرت بين صنعاء والرياض، والتي تم الحديث فيها عن الاتفاق على صرف المرتبات وفتح المطارات والموانئ والمنافذ ودعم الاقتصاد، وبقية النقاط التي أعلنوها ولم يتحقق منها أي شيء، وما حدث هو العكس تماماً، فمعظم الشعب اليمني يحتضر، والسفر عبر مطار صنعاء من أصعب الصعاب ويحتاج إلى ثلاثة أشهر في انتظار الحجز.
«حكومة صنعاء» لديها كل المقومات الأساسية، إذ تملك الأرض والشعب والجيش والأمن، وتملك مؤسسات النشاط الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والموارد الداخلية، مثل الضرائب والجمارك والأوقاف ودخل الموانئ والاتصالات والصناديق المتعددة، وغيرها من مصادر الدخل، وهي مبالغ، بحسب رأي المختصين، يمكن أن تغطي الرواتب وكافة النفقات في حال سُلّم الملف إلى القيادات الوطنية النزيهة المتخصصة في الإدارة المالية التي تؤمن بأن المرتبات حق أساسي مقدس لكل الموظفين، وأن استقرارهم المعيشي يجعلهم الحصن القوى للدولة أمام كل الأزمات.
خلاصة القول: الشعب اليمني يحلم بمرحلة جديدة طاهرة ونقية، يكون فيها المواطن البسيط هو محور اهتمام الدولة، ترعاه وتوفر له الحياة الكريمة الآمنة المستقرة، مرحلة يتحقق فيها الأمان الاقتصادي، ويختفي فيها الفساد والظلم، ويحل مكانها العدالة الاجتماعية وضمان الحقوق والحريات.
الأمل في السيد عبدالملك الحوثي بالتدخل العاجل وإنقاذ الوضع وإصدار قرار واضح يلزم فيه «حكومة صنعاء» بدفع مرتبات الموظفين العاملين تحت سلطتها لسنة كاملة وتقديم معونات عاجلة لمن لا دخل لهم، ووضع خطة عملية لتسليم بقية مرتبات السنوات الماضية، وفق آلية واضحة ومحددة، وتشكيل لجنة من النخبة المشهود لهم بالنزاهة للقيام بعملية جراحية عاجلة وسريعة يتم فيها استئصال الفاسدين وتطهير أجهزة الدولة منهم، ومحاسبتهم على فسادهم وثرائهم غير المشروع.
* نقلا عن : لا ميديا