يحتفل العالم الإسلامي قاطبة بالمولد النبوي الشريف وتجد الذي لا يعنيه الاحتفال بهذا اليوم إما أنه من اليهود والنصارى أَو من الوهَّـابية أَو المشركين.
الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في هذا الزمان مهم جِـدًّا أكثر من أي وقت آخر، وأصبح هناك وعي بأهميّة ذلك لدى معظم المسلمين، وَيسعدهم الاحتفال بيوم مولد خاتم الأنبياء والمرسلين ويعتبرون ذلك:
أولًا: كتعبير عن الفرح بِرَسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّم:
إنَّ الفرح بمولد رسول الله مطلوب بأمر القرآن في قَولِه تَعَالى: “قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ، فَبِذَلكَ فَلْيَفْرَحُوا”، فاللهُ تَعَالَى أَمَرَنَا أنْ نَفْرَح بالرحمة، والنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم الفضلُ الأكبر والرَحْمَةُ الأعظم على الإطلاق، قال الله تعالى: “وَمَا أرسلنَاكَ إلاَّ رَحمةً للعَالمينَ”.
ثانياً: الاحتفالُ بمولد النبي يعد تعظيمٌ لشعائر الله:
يقولُ الله تعالى: “ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ”، والشَّعائر: جمع شعيرة بـمَعْنَى مَشعَرَة وهي المعلم الواضح، وتطلق هذه الكلمة على “مناسك الحج”؛ أي معالمه بما عينه الله؛ فالشرع أمرنا بتَعظيم البيت الحرام، وبناء المساجد، وتعظيم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتوقيره، ولم يأمرنا بعبادة الكعبة، ولا بعبادة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولا بعبادة المساجد، ولا بعبادة أصحابه، كما يُعَدُّ تعظيمُ الُمصْحَفِ، والتذلُّلِ للأبوين والمؤمنين من شعائر الله وليس ذلك عبادةً لهم.
ثالثاً: الاحتفالُ بمولد النبي مناسبةٌ للصَّلاةِ على النبيّ صلَّى اللهُ عليهِ وآله وسلَّمَ:
فَفِي إقامة ذكْرَى مَولدِ النَّبي صلى الله عليه وَسَلَّم مَا يَحثُّ عَلَى الثَّناءِ والصلاة عليه، وهو واجبٌ أمَرَنَا الله تعالى بِه، قال تعالى: “إنَّ اللهَ وَمَلاَئكتَهُ يُصَلُونَ عَلَى النَّبي، يَا أَيّهَا الذينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيه وَسَلِّمُوا تَسْليمًا”، فَمُجَـرّد الاجتماع وَذكرِ النَّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يَجعلنَا نُثْنِي وَنُصلِّي عَلَيهِ.
رابعاً: الاحتفالُ بمولد النبي تعبيرٌ عن محبَّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم وشكرٌ للمُنْعِمِ:
يُعتبرُ الاحتفال مظهراً من مظاهر الدين ووسيلة مشروعة لبلوغ محبة الله عز وجلّ، قال تعالى: “قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحبُّونَ اللهَ فَاتَّبعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللهُ”، وقالَ صلَّى الله عليه وآله وسلم: “لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكونَ أحبَّ إليه مِن نَفسهِ وَمَاله وَوَلدِه وَالنَّاسِ أَجمعين”، فالاجتماع في مناسبة المولد مندوبٌ وقربةٌ لشكر الله على أعظم نعمةٍ في الوجود، وهي مَقْدَمُهُ صلى الله عليه وآله وسلم، وقد حث القرآن على إظهار شكر المنعم في قوله تعالى: “وأمَّا بِنعْمَةِ ربِّكَ فَحَدِّثْ”.
خامسًا: تثبيتٌ لقلوبِ المُؤْمِنينَ والتعرض لرضا الله تعالى والحصول على أجره وثواب هذا العمل:
“وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسل مَا نُثبّتُ بِهِ فُؤَادَكَ”، إننا محتاجون لتَثبيتِ أَفئدِتِنا بِأَنبائهِ وَأَخْبَاره صَلَّى اللهُ عَلَيه وآله؛ فالمولد الشريف مناسبةٌ لذكر معجزاته وسيرتِهِ والتَّعريف به؛ حَتىَّ تَثبُتَ القلوبُ بمعرفته والاقتدَاء به والتأسّي بأعماله والإيمان بمعجزاته والتصديق بآياته.
لذلك يعتبر الاحتفال بمولد النبي مناسبة لأن تتثبت قلوبنا وَللتعرّض لرحمة الله تعالى والحصول على رضاه وأجره.
وهناك أسباب كثيرة جِـدًّا تحثنا على الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في هذا الزمان أكثر من الماضي؛ نظراً للفتن والفساد الكبير الذي ينشره اليهود والدول المستكبرة أمريكا وأذنابها في هذا العصر، لقد أصبحت نفوس المسلمين مشدودة لأمور دنيوية تافهة تبعدها عن الدين وعن رسولها، والجميع يعرف ما يشنه الأعداء من حرب ناعمة على المسلمين تبعدهم عن قيم الإسلام الحنيف وعن القُدوة والكمال الحقيقي محمد رسول الله عليه وعلى آله الصلاة والتسليم.