في مثل هذا اليوم قبل اثنين وعشرين عاماً دبّر اليهود والأمريكان مؤامرة تفجير برجي “مبنى التجارة العالمي” في نيويورك وبموجب تلك المؤامرة دُمِّرت بلدانٌ وشتت شعوب..
كانت المؤامرة مفضوحة لكن الكثيرين أرادوا بعلمٍ أو بغير علم ان ينساقوا وراء مسلسلِ اجراميٍ رسم ملامحه الصهاينة والامريكان واسقطوا اهداف ذاك المخطط على دولٍ إسلامية وعربية كانت المفتتح لما وصل اليه حال المنطقة اليوم..
في مثل هذا اليوم المشئوم علّق الامريكان في “رقاب العرب والمسلمين” شماعة الإرهاب وانساق العالم كُلُه وراء هذه الأكذوبة بما في ذلك العرب والمسلمون انفسهم..
مضى مسلسل المؤامرة كما هو مرسومٌ له بشراكة غربية وتواطئٍ ممن يدعون انهم مسلمون وهم اشد خطراً على الإسلام والمسلمين من اعدائه..
مضت مؤامرة الحرب على الإرهاب وراح الامريكان يدمرون بلداناً ويمارسون الإرهاب الدولي المنظم بحق شعوبها حتى وصل ضحايا تلك الحروب التي افتعلوها الى مئات الآلاف من البشر..
لم يكن ادخال الجيش اليمني في حروب داخلية عبثية متلاحقة إلا حلقةً من حلقات هذا المخطط التي تلاها بعدة أعوام فرض ما عرف بـ”هيكلة الجيش” استكمالاً لمخطط افراغ هذا البلد من قواه الحيّة..
استمر المخطط الأمريكي الغربي الصهيوني في تنفيذ مؤامراته حتى وصلنا الى ما عرف بـ”الربيع العربي” الذي تحوّل شتاءً قارساً عصف بالمنطقة برمتها..
ذات السيناريو اللئيم الذي حاكه الامريكان والصهاينة والبريطانيون اريد لهذا البلد العظيم ان يدخل في أتونه منذ وقتٍ مبكرٍ واراد الامريكان القيام بذات مسرحية أبراج التجارة ولكن في السواحل اليمنية..
لم تكن مسرحية استهداف المدمرة الأمريكية “يو اس اس كول” بالقرب من سواحل مدينة عدن إلاّ نسخةً متقدمةً من احداث الحادي عشر من سبتمبر التي تلتها بأحد عشر شهراً..
لا يمكن على الاطلاق ان نقول ان الانجليز لم يكن لهم يدٌ في تلك المؤامرة فملامحها تشبه الى حدٍّ كبير الطريقة التي احتل بها البريطانيون مدينة عدن واكتسحوا بعدها كل مدن الجنوب وكان السفينة الراسية في عرض البحر هي مسمار جحا قبل قرنين وأريد لذاك السيناريو ان يتكرر قبل عقدين من الزمن..
استطاع اليمن يومها ان يخرج مبكراً من عنق الزجاجة وتفادى بإرادة الله ذاك المخطط الخبيث الذي بدت ملامحة أمريكيةٍ صهيونيةٍ بريطانيةٍ بامتياز..
يومها فشل ذاك المخطط لكنه بالتأكيد لن يكون الأخير فهو جزءٌ من مؤامرةٍ يجب أن تكتمل حبّات عقدها من وجهة نظر واشنطن ولندن وتل ابيب..
استمرت موجات التآمر على هذا البلد ضمن سيناريو استهداف المنطقة برمتها وسقطت الكثير من الدول العربية تباعاً في أتون ذاك المخطط وظل اليمن ينأى بنفسه بعلمٍ أو بدون علم عن الوقوع في شرك هذا المخطط اللعين..
حينما فشلت كل موجات التآمر على هذا البلد الذي خرج في كل مرة منتصراً من مخططات اغراقه في الفوضى والحروب كان لا بد وفقاً للمخطط الصهيو امريكي من التدخل العسكري المباشر..
من العاصمة الامريكية واشنطن جاء قرار العدوان على اليمن في السادس والعشرين من شهر مارس عام 2015 الذي شكل بداية مشوار حرب السنين التسع والتي لا يزال مخططها ساري المفعول الى اليوم وان تدثر بثياب الهدنة غير الجديّة..
شنّت قوى العدوان حربها على بلادنا عبر أدواتها من الأعراب وظن المتآمرون أن اليمن لن يصمد طويلاً في وجه هذا العدوان الكوني وتوقعوا أن لا تمر الستة الأشهر الأولى منه على أكثر تقدير إلا وقد استباحوا هذا البلد..
صوّرت أوهام المتآمرين على اليمن ان السادس والعشرين من مارس من العام الذي يلي بداية العدوان سيأتي وقد انتهت اللعبة لكن هذا التاريخ ظل يتكرر عاماً يتلوه عام واليمن صامدٌ ويطوّر آليات التصدي للعدوان وإدارة قواعد الاشتباك في هذه الحرب على كل الأصعدة..
بالمقابل مثّل نقلُ “جذواتٍ من نار الحرب” الى العمق الاستراتيجي في كلٍّ من السعودية والامارات صدمةً حقيقية لراسمي هذا المخطط وبعثر اليمنيون أوراق المتآمرين وأربكوا معادلاتهم..
حينما شعر هؤلاء بأن النار وصلت الى اطراف ثوبهم وطالت مصالحهم لجأوا لخيار “الهدنة طويلة الأمد” في مسعىً لفرملة تصاعد لظى النيران اليمنية عابرة الحدود..
بدت الهدنة وكأنها الخطة (ب) التي ليست أكثر من حربٍ أخرى أرادت قوى العدوان من خلالها استكمال ما بدأته عبر الحرب العسكرية بغرض تحقيق اهدافٍ “تحت جُنح السلام” عجزوا عن انتزاعها منّا طيلة سنين الحرب..
لا تزال صنعاء يقظة لكل هذا المخطط ومدركةً لامتداداته وأبعاده ولا يزال اليمنيون صامدون في وجه كل هذا التآمر الذي يتدثر اليوم برداء السلام..
التحذير اليمني شديد اللهجة من مغبة مماطلة قوى العدوان وداعميها في إنهاء هذه الحرب وتحت غطاء الأمم المتحدة يؤكد أن صبر اليمنيين له حدود وان الرغبة في السلام لا تعني ابداً عجزنا عن مواصلة الحرب..
لا تزال واشنطن ولندن وتل ابيب ومن تحتهم الرياض وابوظبي مستمرون في التهرب من استحقاقات السلام ظنّاً منهم انهم قادرون على استكمال مسلسل تدمير هذا البلد باسم الحرب تارةً وباسم الهدنة والسلام تارةً أخرى..
في ذكرى “الحادي عشر من سبتمبر اللعين” نعرف جيداً ان المخطط الذي بدأ قبل عقود لا يزال مستمراً الى اليوم وبصورٍ متعددة..
الصهيونية العالمية التي وصلت الى مراحل متقدمة من تنفيذ مؤامراتها حرباً وسلماً لا تزال مصرّةً على العبور بمخططاتها فوق هذا البلد الذي سيظل شوكةً في حلوق كل المتآمرين عليه وستظل اليمن أرض مقبرة الغزاة قديمهم والحديث.
* نقلا عن :السياسية