ما نراه منذُ أَيَّـام في الشارع اليمني من أعمال تجهيز وحركة دؤوبة لاستقبال ذكرى المولد النبوي الشريف، ما يزيدُ عن ثلاثين يوماً ونحن نرى الشعب اليمني، وأحرارَه المؤمنين يستعدون لاستقبال هذه المناسبة الدينية الغالية، وبكل حفاوة الاستعدادات والتجهيزات جاريةٌ على قدمٍ وساق.
ما يحصل يمثل دليلًا على علاقةٍ وثيقةٍ تربطُ الشعبَ اليمني مع الرسول الأعظم -صلواتُ ربي وسلامه عليه وعلى آله- على مر السنوات، وتبرهن ذلك الاحتفالاتُ العامةُ والمجتمعية التي كان يحييها اليمانيون جماعاتٍ وفرادى، وما نشاهده اليوم وفي ظل الثورة القرآنية إنما هو نتاجُ تلك الاحتفالات المصغَّرة والرابط القوي الذي يجمع اليمانيين بشكل خاص بالنبي الأكرم وذكرى مولده الشريف والمبارك.
تجهيزات غير مسبوقة شعبيّة ورسمية، وفعاليات وأُمسيات وندوات تسبق الاحتفالية المركزية بما يزيد عن ثلاثين يوماً.
الزينة تملأ الشوارع والبيوت والأضواء الخضراء الكاشفة والملونة تتزين بها المدن والأرياف؛ فرحاً وابتهاجاً بحلول ذكرى المولد النبوي الشريف، مولد النور طه، مخرجنا من ظلمات الجهل إلى نورِ عِبادة الله.
أفلا يحق لنا أن نفرح، أن نحتفل، أن نعظّم من قدسية وشعائر هذا اليوم الأغر والميمون؛ لنتزود منه الصبر والإيمَـان والقوة والبأس والثبات والجهاد ومقارعة الظالمين، والتحَرّك بحركة الرسول الأعظم عملاً وقولاً.
يعيش أبناء اليمن النبوي الشريف ويحيون للعام التاسع توالياً في ظل العدوان والحصار المفروض علينا من قبل تحالف العدوان، نعيشُ ذكرى مولد النور المحمدي، من أخرجنا من الظلمات إلى النور، وعلى درب رسول الله وآله الطاهرين نسير، ووفق حركتهم نتحَرّك ونواجه الجاهلية الأُخرى، الجاهلية التي قال عنها رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-: إنها الجاهلية الكبرى والأشد. فكيف لا تكون أشدَّ وأكبرَ وأخبثَ، وعلى رأسها أمريكا و”إسرائيل”، من يريدون إضلالنا، ويسعون لإفسادنا لنبتعد عن رسول الله؛ لنسبح في غمرات التيه والضياع وفي دهاليز هذه الجاهلية المقيتة والأشد خطراً والأفتك بطشاً والأقوى تأثيراً.
لكننا وبفضل الله ثم بفضل قائد الثورة ونعمة المسيرة القرآنية، لا نزالُ شعبَ الإيمَـان والحكمة، وإن خذلنا وشذَّ منّا الكثيرُ كمرتزِقة ومنافقين ارتموا بأحضان أكابر الجاهلية الأُخرى، لا زلنا نتمسك بإرث المهاجرين والأنصار، من آووا رسول الله ونصروه وعزّروه ووقّروه، لا زلنا نتخذ منه منهاجاً نسيرُ عليه ودرباً يوصلنا إلى العزة والكرامة، وإن اجتمعت علينا أمم الشرك والنفاق والكفر والعربدة، ونحن خيرُ خلَف لخير سلَف من الأوس والخزرج.
سنحتفل وسنحيي بذكرى مولده الشريف، وليقُل عنّا المنافقون ما قالوا، ولينعتنا الناعتون بما يروَنه منسجماً مع دناءتهم وولائهم لليهود والنصارى، ولن يرونا إلّا حَيثُ يكرهون في ميادين الجهاد أَو في ساحات الاحتفالات والمناسبات الدينية، التي تزيدنا صبراً وعزماً ويقيناً، ونستلهم منها الدروس والعبر والقيم الإسلامية.
وليمُت مرضى القلوب بغيظِهم، وسيعلَمُ الكفَّارُ لمن عُقبى الدار.