لعنةُ القرآن والأنبياء والوعد الإلهي تلاحقُ “اليهود الصهاينة”، ويوماً بعد يوم، تتسارعُ عجلةُ هرولتهم نحو النهاية، ما بين طلقة انطلقت من مخيم، أَو سكين أَو حجر أَو تحت عجلات سائق حافلة، ظلت تتوالى الصفعاتُ على وجوهِهم منذ النكبة، فما بالك اليوم بطوفان مدجَّجٍ بالله وَبما تيسَّر من قوة، حمل اسم الأقصى، بدأ من غزة واللهُ أعلمُ إلى أين منتهاه!
لا مستقبل لهم في فلسطين، وإن ساندهم شياطينُ المشرق والمغرب، وجاءوا بعد نفاقِهم بعدتهم وعتادِهم، فلسطين -التي باتت اليوم صفيح ساخن متأرجح تحت أقدامهم- أفقدتهم رحاها الملتهبة القدرةَ على التوازن، لا تزال الصدمة أكبرَ من بيانات التضامن وعبارات المواساة، والشروخ التي أحدثتها المقاومةُ لن تلملمَها أساطيلُ النجدة القادمةُ من واشنطن.
كم هي مخطئةٌ في تقديراتها أنظمةُ الخيانة والتطبيع وفي سوء قراءتها ورصدها لهذه اللحظة التاريخية دون حدس أَو فطنة، ليست مخطئةً وحسب، إنما منافقة حمقاء فقدت حاضرَها ومستقبلها ودنياها وآخرتها، إلى جانب أنها قد كشفت مدى ما وصلت إليه من انحدارٍ قومي وَديني وسياسي غير مسبوق في التاريخ الإنساني.
وكما هي دهشةُ الملحمة الحاصلة اليوم في أرض الرباط والجهاد المقدس تكسو ملامحنا الحزينة بالأمل، يتكفَّــلُ المشهدُ اليمني في تعزيز هذا الأمل، من خلال موقف شعبي ورسمي يمني عبَّرت عنه حشود مليونية غاضبة خرجت إلى الساحات دون وعد مسبق، يدفعُها فطرتُها ودينُها وإنسانيتُها وكرامتُها، مكلِّلةً بخطاب لقائد استثنائي تكامل في منهاجه وحنكته ودينه وعروبته مع شعبه، رمى بكل الحسابات الدنيئة وراء ظهره، هزم الجغرافيا وَالحدود، وحجز موقعه في الطوفان، مؤكّـداً جاهزية دولته وشعبها لمشاركة فاعلة في المعركة وإسنادها بكل ما توفر لديه من خيارات للدفع بمعطيات المواجهة نحو بشائر النصر، وإلى جانبه وجانبنا مواقفُ من لبنان وطهران ودمشق، وأُخرى لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة في أُمَّـة تتجاوز المليار نسمة.
صحيح أننا في الحرب العالمية على أطفال ونساء غزةَ وجدنا العالَمَ كئيباً ومُجَـرّداً من كُـلّ القيم، لكننا بتنا نرى في هذه المواقف نقلةً من حالة الوحشة التي حالة من التفاؤل والارتياح النفسي والمعنوي العميق الذي يزيدنا ثقة بالله وَبوعوده النافذة والقطعية، وَبأن الحق باق وَرجاله حاضرون، وبأن مؤشرات الزوال لهذا الكيان تتصاعد بما جنى وما ارتكب، وبقدر ما اصطففنا خلفَ هذا الوعد الإلهي وَأعلامه.