صنعاء الساحرة مارآها أديب إلا وجذبه سحرها ولا وصلها شاعر أو فنان حقيقي إلا وأسرته محاسنها وشدَّهُ شموخها ، وإشراقة وجهها ، ولا مهندس إلا وأعجب ببنائها وتخطيطها الذي يجمع كل الأغراض والوظائف الاقتصادية والحياتية والاجتماعية والنفسية ، إنها مدينة ليست ككل المدن ، فهي تجمع بين الرقة والعنفوان ، الذي يبعث على الفخر ،بين الجمال الآسرْ والإباء وتلتصق بالجبل والماء والتراب فتعبر عن اكتمال عناصر الحياة .
في 31/ من شهر يوليو 2018م تشرفت بأن أكون واحداً ممن رأى القائمين على إحياء ندوة حماية صنعاء القديمة وتكريم بعض الشخصيات التي رأى القائمون على تنظيم الفعالية أنها تستحق التكريم لدورها في حماية هذه المدينة العريقة (صنعاء) جوهر روح كل يمنيٍ أصيل الروح كلٍ من وفِي موقعه ، ومن المؤكد أن كل مكرَّم يشعر بالامتنان لهذه اللفتة كما أنَّ من سعى لتكريم من يستحق التكريم يستحق الشكر لاهتمامه بجوهرة المدن رغم ما تعرَّضت له من اعتداءات وما تعانيه من أوجاع ومن اليقين كذلك أن هناك من كانوا يستحقون التكريم بالإضافة إلى من تم تكريمهم بل وبعضهم أولى بالتكريم من بعض المكرَّمين لكن لا عتب لأن كل اجتهاد وكل عمل لابد أن يبقى بحاجة لتقييم وأن تتناوله وجهات نظر مختلفة وهذا شأن الحياة إذ لابد أن يبقى في كأسها بعض فراغ ليأتي من يحاول مَلْؤه لاحقاً فالماضي عنوان الحاضر الذي هو عنوان المستقبل وهكذا هي لغة التتابع والتراكم والتجديد في الحياة لابد من بقاء ما يستحق البقاء لاستمرار العمل لأنه الهدف من وجود الحياة وعكسها الموت ، وفِي هذه الحياة الدنيا تبقى الحاجة دائمة لنتلمس العذر للقائمين على أي عمل أو اجتهاد وصاحبه في كل الأحوال لا يعدم الأجر .
جوهر هذه المناسبة أن يدرك كل من يحب صنعاء أنها بحاجة إلى حماية وأننا نبحث عن أساليب للتحفيز من أجل الاهتمام بهذه الحماية وهذا يعني أن هناك عدواً متربصاُ بها ، ومهما تعدد الأعداء ،فإن عدوها الرئيسي هو عدو اليمن .
إنه الفساد ، الفساد ولا شيء سواه ، فلولاه ما احتاجت الحكومات المتعاقبة إلى مدِّ يد التسول من أجل حمايتها ودعمها للحفاظ على بقائها ، ونحن جميعاً شهود على سلسلة من حلقات التسول دون أن يكلف المسؤولون المباشرون أنفسهم عناء البحث عمن يعتدي عليها ومن يهدد بقاءها ووجودها وأين ذهبت المساعدات والمعونات (حصاد التسول) من الدول والمنظمات على مدى عقود الفساد التي لاتزال تنخر عظام اليمن واليمنيين .
إننا نأمل ان تتجه حصيلة تساؤلاتنا باتجاه بقاء هذا الملف مفتوحاً لا تغلقه إلا إجراءات جادة ومسؤولة تقوم بها سلطات شريفة مبنية على معلومات أكيدة وموثقة .
وكُلُّنا ثقة بأن اليمنيينَ الذين يصدُّون الْيَوْمَ أشرسَ عدوان لَقَادِرُون دون أدنى شك على حماية مدينتهم التاريخية وكل مدنهم وجزرهم وشواطئهم وكل ذرة من وطنهم الحماية القانونية والاقتصادية المادية والمعنوية ، لا تنقصهم العزيمة ولا يعوزهم الوعي فهم الموصوفون في القرآن الكريم بأنهم ” أولو قوةٍ وأولو بأس شديد ” ، لا يحتاجون إلى دعم من أحد فقط هم بحاجة إلى استعادة إرادتهم وسيادتهم ومعركتهم يجب ان تسير بهذا الاتجاه وحينها سيكتشفون أن قدراتهم ومواهبهم قادرة ليس فقط على تحقيق اهدافهم بل وعلى مساندة الآخرين ومع ذلك لابد من مبدأ التعاون بين البشر ومجهودات منظمة اليونسكو تأتي من باب الشراكة ومن حيث أن هذه المدينة او تلك تعدُّ مدناً تشير لقدم الحضارة فيها وان التراث الإنساني ينبغي للمنظمات الدولية وجوباً أن تحرص عليه باعتباره إرثاً إنسانياً لكن لا يمكن للعامل العالمي ان ينجح اذا لم تتوفر له بيئة النجاح في عمق العامل الوطني المحلي فهو الأساس وهو المنطلق ولذلك كثيراً مانسمع بأنَّ منظمة اليونسكو تهدد بشطب صنعاء أو زبيد أو شبام حضرموت من قائمة المدن التاريخية التي تستحق الدعم والمساعدة بسبب مظاهر الإهمال والاستهتار من السلطات المحلية التي فاح فسادها ليفقدنا ليس فقط المساعدة بل واحترام الآخرين وهذا أمر طبيعي فالله وهو أرحم الراحمين لا يساعد من لا يساعد نفسه !!.
التحية للأخ الاستاذ / عبدالله الكبسي وزير الثقافة والأخ الاستاذ مطهر تقي والتحية كل التحية للأبطال في مواقع الدفاع عن الكرامة والسيادة ضد أوقح عدوان شامل يستهدف اليمن جسداً وروحاً ماضياً وحاضراً ومستقبلاً .