صعّدت صنعاء عملياتها البحرية، سواء المشتركة مع المقاومة العراقية، أو المنفردة. إذ أعلنت، أمس، قصف سفينة في ميناء حيفا الإسرائيلي بالشراكة مع المقاومة العراقية، من ضمن سلسلة من الأحداث. أتى ذلك في وقت سُجّل فيه انخفاض في المواجهات في البحر الأحمر، مع تراجع الوجود العسكري لتحالف «حارس الازدهار» فيه إلى مدمّرتين أميركيتين فقط. وأعلن الناطق باسم قوات صنعاء، العميد يحيى سريع، في بيان، تنفيذ عملية عسكرية مشتركة مع «المقاومة الإسلامية» في العراق، استهدفت السفينة الإسرائيلية «مانزانيللو» في ميناء حيفا، وأشار إلى أن «العملية نُفّذت بعدد من الطائرات المسيّرة وحقّقت أهدافها بنجاح».وكانت «هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية» قد أعلنت أنها تلقّت بلاغاً عن تعرّض سفينة تجارية لهجوم صاروخي، فجر أمس، أثناء إبحارها على بعد 52 ميلاً بحرياً جنوب عدن، مضيفة أن «ربان سفينة أبلغ عن سقوط صاروخ بالقرب منها»، ولم تتحدث عن أضرار.
وسبق أن أكدت قوات صنعاء تنفيذها عملية عسكرية نوعية استهدفت السفينة الإسرائيلية «ساره في» في البحر العربي، مساء أول من أمس. وقال سريع إن «العملية النوعية نُفذت بصاروخ باليستي جديد دخل الخدمة بعد الانتهاء بنجاح من العمليات التجريبية له (لاحقاً تم الإعلان عن أنه صاروخ فرط صوتي)»، مضيفاً أن «الصاروخ يتميّز بالقدرة على إصابة الأهداف بشكل دقيق وعلى مسافات طويلة، كما ثبت في تنفيذ العملية». وفي هذا الإطار، كشف مصدر عسكري مطّلع، لـ«الأخبار»، «أن دخول هذا النوع من الصواريخ الخدمة في منطقة تقع بين البحر العربي وخليج عدن والمحيط الهندي، دفع بعدد من السفن التجارية إلى الفرار نحو المحيط الهندي».
في هذا الوقت، احتلت عمليات قوات صنعاء في البحر الأحمر حيّزاً رئيسياً من ضمن أجندة زيارة وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، للصين. وعلمت «الأخبار»، من مصادر استخباراتية في صنعاء، أن ابن سلمان استطلع إمكانية وساطة صينية لوقف التصعيد البحري. وقالت المصادر إن «ما نقله ابن سلمان إلى الصينيين يتضمن امتيازات كبيرة لأنصار الله، مقابل إعفاء السفن الأجنبية المتجهة إلى الموانئ السعودية والمغادرة منها من العمليات اليمنية. وتتضمن الامتيازات تنفيذ مطالب صنعاء، وإحراز تقدم في مسار السلام بضمانات ووساطة صينية». جاء ذلك في أعقاب تعرّض عدد من السفن الأجنبية التجارية التي خالفت قرار منع مرور السفن إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة عبر المتوسط، لهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن بينما كانت متجهة نحو السعودية.
الرياض تستطلع وساطة صينية لتجنيب السفن المتّجهة إلى موانئها الضربات مقابل امتيازات لصنعاء
على خط مواز، تراجع الوجود العسكري لتحالف «حارس الازدهار» في البحر الأحمر إلى مدمّرتين أميركيتين، بعد انسحاب حاملة الطائرات «آيزنهاور» وإرجاء «البنتاغون» نشر حاملة الطائرات البديلة «روزفلت». وأكدت مصادر عسكرية في صنعاء، لـ«الأخبار»، تراجع عمليات قوات صنعاء ضد القطع البحرية الأميركية نسبياً، كون المدمرتين «لابون» و«كول»، أوقفتا أيّ نشاط معاد خلال الساعات الماضية، واكتفتا برصد تحرّكات تلك القوات وهجماتها. كذلك، تراجع حديث «القيادة المركزية الأميركية» عن عمليات أميركية في البحر الأحمر، خلافاً للأسبوع الفائت، الذي اتّسم باشتداد العمليات اليمنية البحرية على السفن العسكرية الأميركية.
في المقابل، استجابت اليونان لضغوط أميركية، وأعلنت انضمام الفرقاطة اليونانية «بسارا» إلى مهمة «أسبيدس»، لتحل محل نظيرتها البلجيكية «لويز ماري» التي غادرت مياه البحر الأحمر منتصف الأسبوع الجاري. وجاء انسحابها بعد أقل من شهر على انتشارها، وهو ما أكد محاولة بلجيكا تجنيب مدمّرتها الوحيدة أي أضرار بفعل تصاعد الهجمات اليمنية ضد السفن العسكرية الغربية. وكان رئيس عمليات المهمة الأوروبية، الأميرال اليوناني فاسيليوس غريباريس، قد حثّ الدول الأعضاء في الاتحاد، قبل أيام، على مضاعفة عدد السفن الحربية في البحر الأحمر وخليج عدن لمواجهة هجمات حركة «أنصار الله»، ورفد الأسطول المكوّن من أربع سفن حالياً، بـ 10 سفن على الأقل للإسهام في استعادة المرور الآمن للسفن التجارية.
وفي تعليقها على ذلك، عبّرت صنعاء عن استيائها من الاتحاد الأوروبي الذي يندفع وراء واشنطن من دون إدراك مخاطر الاستجابة لإملاءاتها على الأمن البحري في خليج عدن ومضيق باب المندب. وقال مصدر عسكري مطّلع، لـ«الأخبار»، إن «وصول فرقاطة يونانية لا يشكّل أي إضافة إلى الوجود الغربي في البحر الأحمر وخليج عدن، بقدر ما هو استفزاز لليمن، وتأكيد لإمعان الغرب في عسكرة البحر الأحمر، وذلك الإجراء سيدفع قوات صنعاء إلى القيام بواجبها ضد كل القطع البحرية المعادية في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي». من جهته، طالب «الاتحاد الدولي لعمال النقل البحري»، الدول، بتحمّل المسؤولية الكاملة لضمان بيئة عمل آمنة للبحّارة على متن السفن التي تحمل أعلامها، وإصدار تعليمات إلى الشركات لتحويل مسار سفنها من البحر الأحمر «المحفوف بالمخاطر». واعتبر، في بيان، أن «البحارة ليسوا سلعة، بل هم العمود الفقري لسلسلة التوريد العالمية، وبالتالي لا ينبغي المخاطرة بحياتهم من أجل الربح».
* نقلا عن :الأخبار اللبنانية