في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة ترتيباتها لإعادة نجل الرئيس اليمني السابق، أحمد علي عبد الله صالح، إلى السلطة في جنوب اليمن، تصاعدت الخلافات في أوساط «المجلس الرئاسي»، ووصلت إلى حد تلويح بعض أعضائه باستخدام القوة لوقف أي إجراءات تقوم بها الحكومة الموالية للتحالف السعودي الإماراتي في مدينة عدن. وتدفع واشنطن نحو إعادة أحمد صالح، قائد الحرس الجمهوري السابق، إلى السلطة بالاتفاق مع دول «التحالف»، وهو ما انكشف خلال الأيام الماضية من خلال الترتيبات الجارية لإعادة النظر في تركيبة «الرئاسي»، وربما الإطاحة بعدد من الأعضاء فيه مقابل تعيين أحمد، وذلك بعد فشل المجلس الحالي في تنفيذ مهامه وفرض نفسه كسلطة نافذة في المحافظات الجنوبية. وكان مجلس الأمن الدولي أعلن رفع اسم علي عبدالله صالح، ونجله أحمد، من قائمة العقوبات بطلب أميركي، في وقت أزال فيه الاتحاد الأوروبي الرئيس السابق ونجله من قائمة العقوبات الخاصة به. ومنذ أسابيع، عمد ناشطون سعوديون إلى التلويح بعودة أحمد علي صالح، عادّين إياه الرهان الأخير، علماً أن نجل صالح شكر، في أكثر من بيان، الإمارات والسعودية، وكان أول لقاء له مع السفير الأميركي لدى اليمن، ستيفن فاجن، الذي اعتبر رفع العقوبات عنه خطوة في اتجاه الاستقرار في اليمن.في هذا الوقت، وفي حين أقر «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات منع أي فعاليات تجري في مدينة عدن باسم الحكومة يُرفع فيها علم اليمن، اقتحمت «ألوية العمالقة» التي يقودها عضو «المجلس الرئاسي»، عبد الرحمن المحرمي، الموالي للإمارات أيضاً، مكتب رئاسة الجمهورية قبل أيام، وذلك على خلفية تعيين رئيس المجلس رؤساء دوائر في المكتب المذكور من دون الرجوع إلى أعضاء «الرئاسي». وفي أعقاب تلك التطورات، دفعت السعودية برئيس «الرئاسي»، رشاد العليمي، إلى العودة إلى عدن السبت بطائرة سعودية، برفقة قيادات من استخبارات المملكة، بالتزامن مع تهديدات سعودية طاولت «الانتقالي» وأجبرته على نزع أعلام الانفصال التي رفعها في الطريق البحري الرابط بين مطار عدن ومقر «المجلس الرئاسي» في قصر المعاشيق في المدينة.
وعلمت «الأخبار»، من مصادر سياسية في عدن، أن السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، قاد وساطة بين «الانتقالي» والعليمي، وطلب من الأول تجميد التصعيد، مقابل تقديم الرياض دعماً بقيمة 50 مليون دولار لوقف انهيار سعر صرف العملة، وكذلك وقف القرارات التي يقول «الانتقالي» إنها انفرادية ولم تخضع للتوافق في إطار «المجلس الرئاسي». ووفقاً للمصادر، فإن الرياض طلبت من العليمي العودة إلى عدن واختيار محافظ جديد للبنك المركزي، بالتوافق مع كل أعضاء المجلس، بعد أن رشّح العليمي شخصية مقرّبة له كبديل للمحافظ، أحمد غالب، الذي لا يزال مصيره غامضاً في الرياض، إثر رفضه توجيهات سعودية بالعودة إلى ممارسة عمله مقابل الإفراج عن الدفعة الرابعة من المنحة السعودية التي قدّمتها الرياض أواخر العام الماضي، وقدرها 250 مليون دولار. وكانت تسريبات مصدرها ناشطون موالون لـ«الانتقالي»، أشارت إلى أن القرارات غير المعلنة التي أصدرها العليمي، بلغت 362 قراراً مخالفة لمتطلبات التعيين في المناصب تلك.
«القاعدة» يصعّد عملياته الهجومية ضد ميليشيات «الانتقالي» في أبين
وبالتزامن مع اشتداد الخلافات بين حلفاء الإمارات والسعودية في «المجلس الرئاسي»، صعّد تنظيم «القاعدة» عملياته الهجومية ضد قوات «الانتقالي» في محافظة أبين خلال اليومين الماضيين، ونفّذ عدداً من العمليات الانتحارية التي أدّت إلى مقتل وإصابة العشرات من عناصر المجلس. وعلى رغم تبني التنظيم تلك العمليات وآخرها استهداف ثكنة عسكرية تابعة لـ«الانتقالي» في مديرية مودية، إلا أن الصراع المحتدم في أوساط «الرئاسي» خيّم على المشهد، ودفع «الانتقالي» إلى التلميح إلى وقوف حزب «الإصلاح» وراء استهداف عناصره، فضلاً عن قيام قوات المجلس الجنوبي بارتكاب ممارسات تعسفية ضد مواطنين يتحدّرون من المناطق الشمالية، ومنع العشرات منهم من الدخول إلى عدن، والتضييق على القاطنين في هذه الأخيرة.
* نقلا عن :الأخبار اللبنانية