هذه المقولةُ المشهورةُ لأحد المفكِّرين الفرنسيين توحي بأن السلامَ لا يتحقّقُ إلَّا إذَا امتلكت القوةَ، وهو ما يسمى بتوازن الردع، وهنا تجدر الإشارة إلى ضرورة أن تمتلك أية دولة القوة التي تدافع بها عن نفسها؛ فإن امتلاك أية دولة في العالم للقوة يعد من أهم مقوماتها؛ لأَنَّها بهذه القوة ترسل الرسائل إلى القوى الطامعة بأنها ليست في وضع يسمح لأعدائها بالاعتداء عليها، وما تشهده الأحداث في العالم لَهُوَ دليلٌ على صدق هذه المقولة المشهورة.
وعلى النقيض، إنَّ الدولة التي تعتمد على دول أُخرى في حمايتها فَــحتماً ستكون في محيطها الإقليمي والدوليِ فاقدة لسيادتها الحقيقية، بل ومعرضة لأطماع وابتزاز من أوكلت إليهم حمايتها واعتمدت على مقدراتها المادية في تمويل حاميها فينطبق عليها المَثَلُ القائل: {حاميها حراميها}.
وهنا برزت حكمة القيادة اليمنية عندما أخذت على عاتقها مبدأ امتلاك مقدرات القوة كأحد ركائز الدولة اليمنية الحديثة، ابتدأت اليمن في بناءِ قدراتها من الاهتمام ببناء الإنسان أولاً فرسَّخت فيه جانب الثقة بالنفس والاعتماد على الذات فألغت جانب الانبهار بالأجنبي ليكون هو محلَّ انبهار الآخرين، وهذا ما حدث فعلاً.
ما وصل إليه الإنسان اليمني يعد إعجاز هذا العصرِ؛ نتيجةَ تفتُّق العقل اليمني وتوسيع مداركه؛ فازداد طموحه فأصبح أكثر ارتباطاً بالله وبوطنه بعد أن كان يخجلُ من انتمائه لهذا الوطن.
كُـلّ هذا التغيير ما كان ليحدث لولا أن الله سبحانه وتعالى هيَّأ لهذا الشعب قيادةً حكيمةً ألهمها الله الحكمة لتعيد لليمن أصالته في الحكمة التي قال عنها الرسول الأعظم -صلوات الله عليه وعلى آله-: {الإيمان يمان والحكمة يمانية} سعت القيادة إلى توظيف الحكمة اليمانية في التصنيع العسكري فأصبح اليمن مصنّعاً لكل أنواع الأسلحة من الذخيرة إلى الصاروخ؛ حتى يوفر السلام لليمن أَولاً وحتى يكون درعاً للأُمَّـة والمُدافِعَ الحقيقي عن الدين ومُقدسات المسلمين.
لا عجبَ فاليمن هو منبعُ النور الإلهي وحامي الدين وناصر الرسول -صلى الله عليه وآله- فاستمرَّ هذا النورُ متجسِّداً في نجدةِ المستضعفين في غزة، ولن يقفَ اليمنُ موقفاً سلبياً في حال تعرضت أيةُ دولة إسلامية لأي اعتداء أَو مظلومية من دول الاستكبار العالمي؛ فقد أثبتت الأحداث بأن اليمنَ استخدمت لنجدةِ أهلنا في غزة ما لم تستخدمْه أثناءَ العدوان على اليمن، وواجهت كُـلَّ قوى الاستكبار العالمي وأذيالهم في المنطقة وحيدةً لا يساندُها غيرُ دعاءِ المظلومين وابتهالُ الشرفاء من أبناء الأُمَّــة.