يتعمد تحالف العدوان السعودي الإماراتي إهانة مرتزقته من اليمنيين والتنكيل بهم على مرأى ومسمع، لإدراكه أنهم أرخص وأرذل القوم. عندما كان أغلب المرتزقة في الجبهات يقاتلون في صفوف التحالف، كان يعاقبهم بعشرات الغارات التي وصفت لاحقاً بالخاطئة، للتخلص من أعداد كبيرة منهم، بالتزامن مع كل جولة مشاورات سياسية. وعندما لم يتبقَّ من المرتزقة إلَّا حكومة الفنادق وحاشيتهم اتجهت الرياض وأبو ظبي للتفنن في التنكيل بهم ومعاقبتهم على كل كلمة يقولونها ولا تعجب أسيادهم.
بدأت مسيرة التنكيل والإقالات من رئيس الوزراء، خالد بحاح وصولاً إلى أحمد عبيد بن دغر وعبد العزيز جباري وعبد الملك المخلافي وعبد العزيز المفلحي وصلاح الصيادي وخالد اليماني، وغيرهم الكثير ممن لم يشفع لهم تطبيلهم لتحالف العدوان، ولا خيانتهم لوطنهم لتبرير التدخل الأجنبي في بلدهم، وكانوا عرضة "للبهذلة" والتشهير لمجرد أنهم صرحوا بما لا يرضاه ساداتهم وأمراؤهم.
المضحك في الأمر أن التحالف يصدر قرارات التنكيل ممهورة بتوقيع "الدنبوع" المغلوب على أمره، ويساعده في ذلك سكرتير السفير السعودي، معين عبد الملك، رئيس حكومة الفندق، الذي لا يحب أن يتدخل في السياسة بحسب قوله. وعندما تبحث عن أسباب التنكيل أو الإقالة تشعر بحجم الذل والإهانة التي يعيشها المرتزقة.
آخر حلقات مسلسل العقاب والتنكيل كانت من نصيب مدير التوجيه المعنوي في الجيش الوهمي للمرتزقة، اللواء محسن خصروف، الذي أصدر "الدنبوع" قراراً بإيقافه عن عمله وإحالته للتحقيق، عقاباً على مداخلة تلفزيونية اعترف فيها "خصروف" بأنهم "مرتهنون" للتحالف. ولم يكتفِ التحالف بقرار الإيقاف والتشهير...
بل أطلق العنان لأبواقه للنيل من "خصروف"، الرجل المسن الذي كان يطبل للعدوان على بلاده منذ أربعة أعوام، ووصفوه بالفاسد والسارق، كما اتهمه أحد المحللين السعوديين بالاستيلاء على إيجارات خاصة بالمتحف العسكري في عدن.
وفي اليوم أصدر ذاته التحالف قراراً ممهوراً بتوقيع معين عبد الملك يقضي بتوقيف وزير المياه والبيئة بحكومة الفندق، عزي هبة الله شريم عن العمل، معللاً ذلك بسبب انقطاعه عن العمل منذ ثمانية أشهر، على الرغم من أن "شريم" كان قبل أسبوع من قرار إيقافه يمثل حكومتهم في الوفد المشارك بمؤتمر أبوظبي للعمل المناخي في الإمارات، وفي يوم صدور قرار إيقافه الذي وصل إليه عبر وسائل الإعلام كان "شريم" يقوم بزيارة لتفقد مشاريع المياه في منطقة "جوعر" بمديرية مودية بمحافظة أبين.
بعد عملية بحث لم تستغرق كثيراً وجدت مقابلة تلفزيونية لـ"شريم" على إحدى القنوات الإماراتية لم يمض عليها أكثر من أسبوع، ينتقد فيها الحكومة وفشل أدائها والفساد الذي ينخرها، مستدلاً على ذلك باستمرار مشكلة الكهرباء في عدن، رغم المبالغ الضخمة التي صرفت على إصلاحها، بل إن الوزير شريم في المقابلة ذاتها قال إن وزارته المسماة وزارة المياه تجلب الماء عبر "الوايتات". لم أحتمل إكمال متابعة المقابلة من فرط الضحك الذي أصابني، فذهبت إلى صفحة الوزير الموقوف على "الفيس بوك"، ووجدت فيها مناشدة للدنبوع يشكو إليه فيها حرمان أولاده من دخول الامتحانات بالمدارس المصرية بمبرر عدم تجديد الإقامة. حينها أدركت حجم المعاناة التي يعيشها المرتزقة، وسبب قرار إيقافه عن العمل. فهل سيستفيد شريم وخصروف وغيرهما من المرتزقة من قرار العفو العام في صنعاء، أم أنهم أدمنوا حياة الذُّل والمهانة؟!