منذ اللحظة الأولى لإعلان الحرب العسكرية على اليمن، شنت دول العدوان وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وأجهزة المخابرات البريطانية، حروباً متعددة على اليمنيين، منها حرب «الإحباط» التي كانت تسعى الى قتل الشعب اليمني باليأس وفقدان الأمل الذي سيوصله في نهاية المطاف للاستسلام والخضوع، أو اليأس والهجرة أو الاكتئاب والانتحار، وعلى الرغم من فشل هذه الحرب وفشل كل منظومات الحروب الإعلامية والنفسية والناعمة والشائعات، إلا أنه من الضروري أن يستمر الفرد في تحصين نفسه ومجتمعه من هذه الحروب باستمرار.
على المستوى الشخصي نتعرض في حياتنا اليومية للكثير من المشاكل ومواقف الفشل أو عدم الوصول للهدف المطلوب، بالإضافة إلى القصف اليومي الذي يستهدفنا عبر شاشات التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي من حملات منظمة ومدروسة، تثير في أذهاننا الكثير من الأسئلة حول الواقع الذي نعيشه جراء الحرب والحصار والتداعيات الاقتصادية وغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، وتكرار هذه الأخبار على مسامعنا بطريقة تحاصر حياتنا اليومية باليأس، أما على المستوى العام فلا يمضي يوم واحد دون أن نسمع فيه عن خطورة استمرار الحرب وفارق القوة والتسليح ودعم العالم كله لتحالف العدوان واستمرار المجازر، وتفشي الفساد وغياب المساءلة، وغيرها من التفاصيل التي يتم تضخيمها، وتثير الكثير من مشاعر الحيرة والإحباط وفقدان الأمل، كأن باب الأمل بات مغلقاً، ولا مجال للعيش أو البقاء في ما نحن عليه من حال، وفي بعض الأحيان يريدون إقناعنا أن اليمن لم يعد بلداً صالحاً للعيش فيه، ولن يصلح حاله أبداً.
هذا النوع من الحروب، ومن خلال التضخيم والمبالغة التي نشاهدها في التقارير الدولية والأممية وعلى وسائل الإعلام بكثافة، تتعمد كسر الإرادة وقتل الروح المعنوية العالية التي صمدت 5 أعوام في وجه كل آلات القتل اليومية، وأفضل وسيلة لإفشاله السعي إلى تبسيط الأمور الى ما دون حالة الإحباط والضغط النفسي، وعدم تجاهل ما يشنه العدو من حرب قذرة تريد أن تفقدنا الأمل بالقادم الأفضل، وتريد أن تقتل فينا حالة الصمود الشعبي والمجتمعي الذي عجزت كل دول العالم في أن تزعزعه أو تخفض من مستواه.
بحسب تقارير منظمة الصحة العالمية، فإن الإحباط يقود الى الاكتئاب في المرحلة الأولى وإلى الإصابة بمرض الاكتئاب النفسي والانتحار في المراحل المتقدمة، وهذا هو المطلوب، فقد نجحت هذه الحرب في كثير من الدول التي أصيبت شعوبها بحالة الإحباط ووصلت إلى مرحلة التطفيش، والتجأ غالبية شبابها وسكانها للهجرة الخارجية، وتركوا بلدانهم للمحتل أو المستعمر يعبث فيها كما يريد.
صحيح أن الشعب اليمني لا يعرف المستحيل، وبقوة تفاؤله وعطائه وتكيفه مع كل الأزمات هزم وقهر امبراطوريات العالم المتطورة، ولكن الحذر واجب، وتكرار الحديث عن هذه الأنواع من الحروب «مش غلط».
* نقلا عن لا ميديا