عبدالرحمن مراد
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
عبدالرحمن مراد
التحكم في مقاليد الثورة والمستقبل
البنية الثقافية اليمنية.. “رؤية تحليلية”
عالم اليوم من منظور عقلاني
حواراتُ السلام في المنطقة
ملامح المرحلة وطبيعة المعركة
معيارُ القوة في الوجود الإسرائيلي
عن العدو وتفكيك خطابه
مبدأ الخيانة في معيار التاريخ
المعرفة القوة الحقيقية في المستقبل
معادلةُ البنك بالبنك والمطار بالمطار

بحث

  
الفساد.. الظاهرة والمعالجة
بقلم/ عبدالرحمن مراد
نشر منذ: 4 سنوات و 8 أشهر و 18 يوماً
الثلاثاء 03 مارس - آذار 2020 08:12 م



الفساد في معاجم اللغة العربية، من الفعل فَسَدَ ضد صَلُحَ، وهو البطلان فيقال فَسَدَ الشيء أي بَطُلَ واضمحلَّ.
واصطلاحاً هو انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة .

ويرى البنك الدولي أنّ الفساد هو استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص غير المشروع ( ليس له أي مبرر قانوني ) .

ويرى صندوق النقد الدولي أن الفساد هو علاقة الأيدي الطويلة المتعمدة التي تهدف لاستنتاج الفوائد من هذا السلوك، لشخص واحد أو لمجموعة ذات علاقة بالآخرين.

ومن هنا يصبح الفساد علاقة وسلوكاً اجتماعياً، يسعى رموزه إلى انتهاك قواعد السلوك الاجتماعي فيما يمثل عند المجتمع المصلحة العامة، لهذا يصنِّف المختصون في قضايا الفساد أنواعه إلى واسع وضيق .

فالفساد الواسع ينمو من خلال الحصول على تسهيلات خدمية تتوزع على شكل معلومات ، تراخيص ، إعفاءات .

أما الفساد الضيق فهو قبض الرشوة مقابل خدمة اعتيادية بسيطة، أي عندما يقوم موظف بقبول أو طلب ابتزاز ( رشوة ) لتسهيل عقد أو إجراء طرح لمناقصة عامة مثلاً .

كما يمكن للفساد أن يحدث عن طريق استغلال الوظيفة العامة من دون اللجوء إلى الرشوة وذلك بتعيين الأقارب ضمن منطق ( المحسوبية والمنسوبية ) أو سرقة أموال الدول مباشرة .

– أنواع الفساد :
هناك أنواع متعددة للفساد، فمنها: الفساد المالي ، والفساد الإداري ، والفساد الأخلاقي، وأشدها خطورة وتأثيراً الفساد السياسي .
– فالفساد السياسي: يعرَّف بأنه إساءة استخدام السلطة العامة ( الحكومية ) لأهداف غير مشروعة وعادة ما تكون سرية لتحقيق مكاسب شخصية ، وظواهر تقل أو تكثر حسب جدلية العلاقة بين السلطة والدولة ،والتباس المفهوم عند غالبية الناس والوعي بهما- أي السلطة والدولة- إذ أنّ هناك فروقاً نظرية بين سلطة الدولة ودولة السلطة .

فسلطة الدولة من الناحية النظرية تعني أن جميع أجهزة الحكم فيها من مؤسسات، ودستور، وقوانين، وقيادة سياسية، كلها تعمل في منظومة متكاملة تستهدف تحقيق غايات الوطن وطموحاته التي تعلي من قيمة المواطن، ومشاعر حب الوطن، وتقوم على مبادئ فلسفية، واجتماعية، واقتصادية، وسياسية، وثقافية واضحة، يشارك المواطن في صنعها والدفاع عنها من خلال نظام ديمقراطي تعددي، يؤكد مبدأ تداول السلطة واحترام الدستور .

أما دولة السلطة، فإنها من الناحية النظرية تعني أن أجهزة الحكم فيها من مؤسسات، ودستور، وقوانين ،وتشريعات تعمل في منظومة واحدة لتحقيق مصالح السلطة الحاكمة ،ويصبح الوطن وثرواته ومواطنوه ملكاً لها ،وفي نظام دولة السلطة تنعدم مظاهر الديمقراطية، ومشاركة المواطنين في صنع وإدارة مستقبلهم ،وتتدنى مشاعر حب الوطن ومبادئ وقيم العمل من أجل المصلحة ،ويعم الفساد أجهزة الدولة مشكِّلاً تحدياً خطيراً في وجه التنمية، ومقوضاً العملية الديمقراطية والحكومة الجيدة ، وذلك بتعويم المسار، وقد يقلل من المساءلة، ويشوه التمثيل النيابي في عملية صنع القرار السياسي ، ويلقي بظلاله على السلطة القضائية، حيث يعرِّض سيادة القانون للخطر،

وبمعنى أوسع ينخر الفساد في القدرة المؤسساتية للحكومة، لأنه يؤدي إلى إهمال إجراءاتها واستنزاف مصادرها، فبسببه تباع المناصب وتشترى، كما يؤدي إلى تقويض شرعية الحكومة، وبالتالي القيم الديمقراطية للمجتمع كالثقة والتسامح .

ويرى الباحثون أن الفساد السياسي يقوض التنمية الاقتصادية، لتسببه في حدوث تشوهات وحالات عجز ضخمة، ويؤدي انتشار الفساد في القطاع الخاص إلى زيادة كلفة العمل التجاري من خلال زيادة سعر المدفوعات غير المشروعة ، وكذلك لازدياد النفقات الإدارية الناجمة عن التفاوض مع المسؤولين، ومخاطر انتهاك الاتفاقيات أو الانكشاف .

ويقولون إن الفساد يشوه الملعب التجاري، إذ يحمي الشركات ذات المعارف في الحكومة من المنافسة، ما يعني بالنتيجة استمرار وجود شركات غير كفؤة .

علاوة على ذلك، يولِّد الفساد تشوهات اقتصادية في القطاع العام، عن طريق تحويل استثمار المال العام إلى مشروعات رأسمالية تكثر فيها الرشى، ويؤدي الفساد السياسي -كما يرى الخبراء- إلى خفض معدلات الالتزام بضوابط البناء والمحافظة على البيئة والضوابط الأخرى ويؤدي إلى تردي نوعية الخدمات الحكومية، وزيادة الضوابط الأخرى، وزيادة الضغوط على ميزانية الحكومة .

الظروف الملائمة للفساد : يرى الباحثون أن الظروف الملائمة للفساد هي:

– البنى الحكومية المتناحرة .
– تركيز السلطة بيد صنَّاع القرار وهم عملياً غير مسؤولين عن الشعب .
– غياب الديمقراطية أو عجزها .
– العجز المعلوماتي ويشمل :
* انعدام الشفافية في الحوكمة (حرية المعلومات ) في صنع القرار .
* احتقار أو إهمال ممارسة حرية الكلام أو الصحافة .
* ضعف المساءلة له وانعدام الإدارة المالية الملائمة .

الفرص والمحفزات وتشمل :

– عمليات استثمار كبيرة للأموال العامة .
– انخفاض رواتب الموظفين الحكوميين .
الظروف الاجتماعية وتشمل :
– النخب الأنانية المنغلقة وشبكات المعارف .
– كون السكان أميين أو غير مهتمين، وعدم قابلية الرأي العام انتقاء الخيارات السياسية، والتنافس البرامجي الحزبي .
العجز القانوني ويشمل :
– ضعف سلطة القانون .
– ضعف المهن القانونية .
– عدم اكتمال العملية الانتخابية .
– حملات انتخابية مكلفة يتجاوز الانفاق فيها المصادر الاعتيادية للتمويل السياسي.
– غياب الرقابة الكافية للحد من الرشى أو التبرع للحملات الانتخابية .

معايير قياس الفساد :
المنظمة العالمية للشفافية، وهي منظمة رائدة في مجال محاربة الفساد لها ثلاثة معايير لقياس الفساد هي :
– مؤشر إدراك الفساد : ويقوم على آراء الخبراء حول أحوال البلدان الفاسدة .
– البارو متر العالمي للفساد : ويقوم على استطلاعات مواقف الرأي العام وخبراتهم مع الفساد .
– استطلاع رأي دافعي الرشى وهذا المؤشر يبحث في مدى استعداد الشركات لدفع الرشاوى .

مكافحة الفساد :
يجب أن ندرك أننا وصلنا إلى مرحلة من الالتباس في المفاهيم، وتفسخ القيم، وتماهيها، والتحلل الأخلاقي ، وكاد مثل ذلك أن يتحول إلى ظاهرة ثقافية في أذهان الكثير، إلى درجة سماعك عبارات التأنيب واللوم في الوسط الاجتماعي، لأولئك الذين ينأون بأنفسهم عن مستنقعات الرذيلة .

وقد أصبح الملتزم قيمياً وأخلاقياً، شاذاً، وعفيف اليد، أحمقاً، وأصبح المنصب غنيمة وفيدا، والتبس مفهوم الدولة والسلطة، وتداخلا.. مما تسبب في ضياع قيم الانتماء الوطني، وأضعف مشاعر الولاء والحب للوطن، وضاعف كل ذلك من فقدان الهوية، وأدى إلى شلل الأمانة والمسؤولية، فشاع الفساد، وتأصّل كثقافة في أذهان المجموع. هذه الثقافة تماهت مع طبيعة الإنسان العربي التي تميل إلى الفوضى واللا انتظام وهي طبيعة هدامة كما قال عنها ابن خلدون في مقدمته ولا يمكنها الانتظام الا بعاطفة دينية.
لذا يتوجب في البدء تزكية الروح وإخراجها من درن الفوضى إلى عقد الانتظام، عن طريق أحياء القيم والمثل الدينية الرامية إلى التهذيب والتزكية والتعليم ونشر العلم والثقافة عن طريق استثمار كل الوسائل والامكانات المتاحة ،وإحياء دور المسرح والمنابر، وتجديد الخطاب بما يتواءم ومعطيات العصر ، والاهتمام بالدراما والفنون وتوظيفها في إصلاح المسار الأخلاقي .

كما يتوجب تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدنية في مكافحة الفساد وبناء قدراتها في هذا المجال، إذ أن ثمة مؤشرات متنامية لبعض المنظمات غير الحكومية في رصد حالات الفساد والدفاع عن المجتمع إزاءها قد بدأت تؤتي أكلها، من حيث فضح الممارسات الفاسدة ، وتعبئة الرأي العام للضغط في سبيل وضع سياسات قوية لمكافحة الفساد .

ويبقى الوعي والتوعية القانونية ضرورة ملحة في حاضرنا، ومثل ذلك مسؤولية جماعية وعلينا العمل على استبدال ( مشي حالك ) بعبارة “خذ حقك وفق نص القانون”، ولا بد أن نتجاوز فتوى ابن تيمية التي تبرر الانهزام الأخلاقي أمام سطوة الواقع وجبروته.

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
مقالات ضدّ العدوان
علي العماد
شهادتي لتوضيح الواضح
علي العماد
عبدالملك سام
دفاعاتنا الجوية.. من عفاش وإخوانه وحتى ثاقب وفاطر!
عبدالملك سام
زيد البعوه
سننهض رغم التحديات
زيد البعوه
عبدالعزيز البغدادي
بين الوحدة في الوجدان والوحدة في الوجود!
عبدالعزيز البغدادي
حمدي دوبلة
المهرِّج والحسناء
حمدي دوبلة
إبراهيم محمد الهمداني
«جمعة رجب».. اختصاص اليمنيين بالهوية الإيمانية والحضارية
إبراهيم محمد الهمداني
المزيد