ما تفعله قناة السعيدة عبر مذيعها عبدالملك السماوي، في برنامج «تراحموا»، لا علاقة له بالرحمة ولا بالإحسان، بقدر ما هو برنامج تشهيري تم إعداده لكشف الناس المستورين طوال العام.
هذا المذيع السماوي، الذي لا يهضمه الكثير من المشاهدين، يدخل البيوت والكاميرا تسبقه، ليصور شخصاً مستوراً، ويصور بيته من الداخل والخارج، ويصور حارته، ويكشفه أمام العالم، مقابل ظرف فيه مبلغ سخيف لا يساوي ماء وجه المسكين، الذي قام السماوي بإراقته على الملأ. وهو في الوقت نفسه يقوم بإعلان وترويج للشركة أو الجهة التي قامت بإعطاء هذا الظرف لهذا الرجل المحتاج، دون أن يأخذوا في الاعتبار أن هذا التشهير والإذلال سيلاحق هذا المسكين وأولاده لسنوات طويلة.
في رمضان خصوصاً تنشط القنوات والمنظمات، وتبحث عن الأحاديث التي تحضُّ على الصدقة في بطون الكتب، لتملأ بطون أعضائها والقائمين عليها.. حتى يخيَّل إليك أنه ليس بينك وبين الجنة سوى هذه الصدقة التي ستدفعها لحساب هذه الجمعية أو تلك.
بالتأكيد هناك جمعيات ومنظمات تتلقَّى دعماً لإشباع الجياع، لكن هناك أموراً كثيرة في ما يخص فعل الخير ينبغي توفُّرها، وأهمها السرِّية، فالصدقة كما جاء في الحديث الشريف «ألا تعلم شمالك ما أنفقت يمينك».
ذات يوم طرق سائلٌ بابَ الإمام الحسين بن علي، فأخرج الحسين يده من الباب، وأخفى وجهه عن السائل، فلما أخذ السائل حاجته من يد الإمام الحسين قال له ابن عباس: ما لك أشحت بوجهك عن السائل يا ابن رسول الله؟ فقال الحسين: لا أحب أن أرى ذلَّ السؤال في وجهه.
هل يعي هؤلاء معنى كلمة الحسين بن علي!
تدأب كثير من المنظمات والجمعيات على التشهير بالمساكين وتصويرهم ونشر صورهم في بروشورات ليستخرجوا بها مزيداً من الدعم.. إضافة إلى القطمة السُّكر أو الرز التي يلتقطون لها صوراً متعددة وأحد المساكين يحتضنها، ولا بد أن يذكِّروه بألَّا يبتسم أمام الكاميرا، لكي تظهر على وجهه مسحة الحزن.
الصدقة هي فعلٌ إنساني.. فإن خرجت عن مقاصدها فإنها تكون قد خرجت عن دائرة الإنسانية، وصارت فعلاً بشعاً وقذراً. وهذا ما تفعله قناة السعيدة ومذيعها السماوي الذي يموِّل برنامجه بقدر ما يسفكه من ماء الوجوه المستورة طوال العام.
* نقلا عن موقع لا ميديا