تايوان دولة جزريّة، تتكون من مجموعة من الجزر تقع في الجنوب الشرقي من القارة الآسيويّة في المحيط الهادئ، وعاصمتها مدينة تايبي، وتبلغ مساحتها نحو ستة وثلاثين ألف كيلو متر مربع تقريباً ، وعدد سكانها ثلاثة وعشرون مليوناً ومائة وأربعة وسبعون ألف نسمة تقريباً، ،وتبعد عن الصين قرابة المائة وأربعين كيلو متراً تقريباً، الصين التي شهدت بداية الانتشار لوباء فيروس كورونا وتحديداً في مدينة ووهان الصينية والذي انتشر في شهر ديسمبر 2019م بشكل متسارع فوصل إلى اغلب دول العالم، والتي لم تكن الحكومات بل لم يكن العالم يتوقع سرعة انتشار هذا الوباء المخيف وبسرعة البرق من الصين إلى اغلب دول العالم، والذي أجبر العالم على العزلة لأول مرة في تاريخ البشرية، وأجبر حكومات دول العالم على فرض حظر صحي ومنع التجوال والبقاء في المنازل ضمن الإجراءات الاحترازية التي تطبق لمواجهة فيروس كورونا، فعلا هذا الفيروس هز العالم وجعل العالم أمام اختبار وتحد جديد في ظل الارتفاع المتزايد في أعداد الوفيات والإصابات في العالم، وقد اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أنه أسوأ أزمة عالمية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية قبل 75 عاما، وأنه صار يمثل أكبر “أسوأ أزمة عالمية منذ تأسيس الأمم المتحدة” عام 1945م.
ولكن إذا رجعنا إلى إحصائيات الوفيات والإصابات بفيروس كورونا في تايوان، التي كانت أنظار العالم كله متجهة إليها لقربها الجغرافي من الصين، فاليوم وبعد خمسة اشهر نجد أن عدد الوفيات فيها 7 والحالات المؤكَّدة 441، لذلك بهذه الإحصائيات القليلة انبهر العالم، لكن لماذا؟.
الجواب هو: لأن تايوان سارعت في إدارة الأزمة بجميع مؤسساتها وهيئاتها الحكومية ولأنها سارعت إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب و كانت الأسرع في التعامل مع الوباء منذ ظهوره في مدينة ووهان الصينية، واتخذت العديد من الإجراءات الاحترازية والوقائية وتطبيقاتها وترجمتها على أرض الواقع، فمن ضمن الخطوات والإجراءات والتعليمات التي اتخذتها تايوان التي تم نشرها في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية أنها وضعت 124 خطوة ضمن خطة عملها لمواجهة فيروس كورونا، تجاوزت حتى مراقبة الحدود واستخدمت تحليل البيانات الضخمة وتتبع مواقع الهواتف المحمولة ومسح رمز الاستجابة السريعة (QR) والإبلاغ عبر الإنترنت عن تاريخ السفر والأعراض الصحية لتصنيف مخاطر العدوى للمسافرين، التي تُظهر بيانات الأشخاص الذين سافروا ومكان الرحلة وتاريخها، وذلك خلال الـ14 يومًا، وتم إرسال تصريح المرور الصحي الآمن للأشخاص الذين لم يسافروا إلى المناطق عالية الخطورة عبر خدمة الرسائل القصيرة لتسريع إجراءات الجمارك، أما أولئك الذين سافروا إلى مناطق عالية الخطورة فتم عزلهم في المنازل، وتم تعقبهم عبر هواتفهم المحمولة، للتأكد من بقائهم في المنازل خلال فترة الحضانة.
كما خصصت خطًاً ساخناً مجانيًاً للمواطنين للإبلاغ عن الأعراض المشبوهة في أنفسهم أو في الآخرين، ودعت المدن الكبرى إلى إنشاء خطوطها الساخنة الخاصة بها حتى لا يتكدس الضغط على الخط الرئيسي الساخن ،كما فرضت إجراءات حاسمة مبكرة، مثل قرار حظر السفر من أجزاء ومناطق كثيرة في الصين، ومنع السفن السياحية من الرسو في موانئ الجزيرة، وفرض عقوبات صارمة على أي شخص يخالف أوامر الحجر المنزلي أو ينشر معلومات مضللة عن كورونا، الأمر الذي ساعد تايوان على احتواء انتشار الفيروس، لذلك فإن هذه التجربة تستحق الدراسة والإعجاب والثناء.