عندما يتحدثُ الرسولُ (صلواتُ الله وسلامُه عليه وعلى آله) عن الإمام علي (عَلَيْــهِ السَّلَامُ) ويصفُه بقرين القرآن، ويقولُ: علي مع الحق والحق مع علي، فهو لا ينطقُ عن الهوى ولا يتحدَّثُ من جانبٍ عائلي أَو حديثٍ قائمٍ على الإعجاب والقرابة الأسرية وغير ذلك، بل يتحدثُ عن شخصيةٍ عظيمة تمثل أرقى وأعظمَ الشخصيات في الإسلام بعد الرسول محمد (صلوات الله عليه وآله).
كانوا يعرفون أن الإمام علياً (عَلَيْــهِ السَّلَامُ) قرينُ القرآن وأن الحق معه، وهو ربيبُ رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، ويثقون أن فسادَهم وطغيانَهم لن يكونَ له دولةٌ ولن تقوم له قائمة وما زال الإمام علي موجوداً بينهم، فتآمروا على قتلِه وهم محسوبون على الإسلام، وما وقع للأُمَّـة من مآسٍ وما حدث لها من بعدُ ليس إلا بسَببِ انحراف المسلمين عن نهجه وتوليه، ئ وعن ما أمر الله (سبحانه وتعالى) ورسوله به ودليلٌ على أنهم فقدوا رشدَهم بعد وفاة الرسول (صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله).
الإسلامُ موصولٌ برسول الله وبموالاة الإمام علي (عَلَيْــهِ السَّلَامُ)، حَيثُ قال رسولُ الله في غدير خم: “من كنت مولاه فهذا علي مولاه”، وكم أثنى عليه وفهم المسلمون آنذاك بضرورة التمسك به وعدم الانحراف والانجرار وراء المنافقين والمضلين، وحب الإمام علي (عَلَيْــهِ السَّلَامُ) هو من حب الرسول: “يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق”، وحبه هو رباطٌ وثيقٌ يمسك بوثاق المسلمين وحبلٌ متينٌ موصولٌ بالرسول؛ لأَنَّه باب مدينة علمه.
وما حدث من بعد استشهاده (عَلَيْــهِ السَّلَامُ) من قتل وتشريد وتعذيبٍ لأتباعه ومحبيه من قبل الطغاة والمنافقين وما يحدث من ذلك الزمن وإلى اليوم من تفريق بين أبناء الأُمَّــة وذل وانحطاط إلا دليل على أن أُولئك الذين حكموا من بعد استشهاده أساءوا الأدبَ مع الله وأساءوا العمل بدينه وحرّفوه وبدّلوه؛ لأَنَّ الدين الحق هو التولي لله ورسوله والإمام علي (عَلَيْــهِ السَّلَامُ)، وكما أن اللهَ رَضِيَهم مسلمين مستمسكين بحبله وبأعلام دينه وهُداته معادين لأعدائه ملتزمين بمنهجية الإمام علي (عَلَيْــهِ السَّلَامُ) ببطولاته بمواقفه الشجاعة بعدله بقسطه بأخلاقه بقيمه بمبادئه القرآنية.
وقد أدرك أعداءُ الحق ذلك وأيقنوا أن صلاحَ الأُمَّــة رهينٌ بموالاته، وأن عزتها وكرامتها وحريتها ومستقبلها منوطٌ بهذا المبدأ العظيم، فتحَرّكوا من بعد وفاة الرسول (صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله) وشنوا الحروبَ والمؤامرات ليخنقوا في المسلمين الأمل الوليد ويقتلوا فيهم الرجاءَ البعيدَ ويبعدوهم عن حلقة الوصل بالرسول والتي تكفل لهم كُـلَّ الخير في الدنيا والآخرة.
فأين موضعُ الدين الحق في نفوس من تآمروا على قتله، وهدموا أركانَ الهدى في التاسع عشر من رمضان؟
وأين دليلُ الإيمان الثابت في أخلاقهم، حتى أن مدارسنا تدرِّسُ في كتبها الأفكارَ المغلوطة وتصوِّرُ قَتَلَةَ الإمام علي (عَلَيْــهِ السَّلَامُ) وقتلة أتباعه ومحبيه من بعده تصور أُولئك الطغاة المنافقين بالصحابة كمعاوية وعمرو بن العاص، وتسمي حروبَهم تلك التي قتلوا من خلالها أولياءَ الإمام علي بالفتوحات الإسلامية؟!
هل سيعي أبناءُ الأُمَّــة ويعتبرون ويعودون إلى الله والقرآن وأعلام الهدى؟
وهل يتوبون ويعودون إلى سبيل النجاة والتولي؟
أم سيظلون عتاة يصدون عن سبيل الله بأعمالهم السيئة وأفكارهم المغلوطة ويهدمون أركانَ الدين بتخاذلهم؟