المعركة في غزة وفلسطين عامة هي معركة وجود للأُمَّـة الإسلامية، وليست معركة حماس وسرايا القدس وبقية فصائل المقاومة وحسب، هم يقاتلون نيابة عن الأُمَّــة كافة نعم، لكن المعركة هي معركة وجود فلسطين ومحور المقاومة الإسلامية ووجود الإسلام في وجه الصهيونية اليهودية؛ فإما “أن يكون الإسلام أَو تكون الصهيونية” ولا يوجد حَـلّ وسط، ولا حياد بين الحق والباطل أبداً، وكيان العدوّ الإسرائيلي لم يستثن في حروبه أحداً من أبناء الأُمَّــة حتى الموالين له، ناصب للجميع العداء، كُـلّ العرب وكافة المسلمين بمختلف انتماءاتهم وطوائفهم وبلدانهم؛ لأَنَّها “حربٌ دينية بين اليهود والنصارى من جهة، والعرب المسلمين من جهة أُخرى”.
اليهود قتلة الأنبياء والمرسلين وتاريخهم كله وحشية وفظاعة ورذيلة وشذوذ، قوم أرذال سفاكو دماء لا يرقبون في مؤمن إلًّا ولا ذمة، مجازرهم عبر البشرية لا تعد ولا تحصى، لا يفهمون إلا لغة الدماء والدمار والقتل، “كُلَّما جاءَهم رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أنْفُسُهم فَرِيقًا كَذَّبُوا وفَرِيقًا يَقْتُلُونَ”، هذا هو التعبير القرآني عنهم، واستخدم القرآن صيغة المضارع في الفعل (تَقْتُلُونَ) ليدلل على أن هذا من شأنهم وعادتهم التي لم تنفك عنهم في يوم من الأيّام ولم ولن تتوقف تآمرات اليهود التي شهدتها البشرية عبر الأزمان على الإسلام والمسلمين في الأماكن المختلفة، لذلك يجب أن نفهم خطورة وأبعاد وأهداف المعركة وعلى أي أَسَاس هي فهماً جيِّدًا، وأن لا يكتفي العرب والمسلمون وشعوب أمتنا بالإدانات والتنديد فهي لا تجدي، يجب أن ندرك جيِّدًا كأمة مسلمة حقيقة خبث اليهود، ونعتقد يقيناً أننا لن نجد سلاماً ممن أيديهم ملطخة بقتل الأنبياء والمرسلين ولم يرقبوا فيهم إلاًّ ولا ذمة وهم أنبياء الله ورسله أعظم البشرية، والسلام والأمان لأمتنا لن تحقّقه إلَّا روح المقاومة والتحَرّك العملي الجاد وفقاً لهذا المبدأ الديني الثابت في مواقف موحدة بمختلف الطوائف والانتماءات والبلدان الإسلامية دفاعاً عن الدين والقضية الجامعة للأُمَّـة.
اليمن أصل العروبة وأهل الإيمان بفضل الله وبحكمة وشجاعة وقيادة السيد/ عبدالملك بن بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) قد تحَرّكت وهي في الصدارة والمقدمة وبكل جرأة وشجاعة، وتعمل القوات المسلحة اليمنية في مواجهة كيان العدوّ بما عجزت عن عمله وفعله دول العالم الإسلامي كافة، ويبذل اليمانيون كُـلّ جهدهم ويتحَرّكون قيادة وشعباً وجيشاً وحكومة على كُـلّ المستويات مساندين لقضية الأُمَّــة الأَسَاسية فلسطين، وبذلوا جهوداً كبيرة رغم الضغوطات والتهديدات وما زالوا مشاركين بكل قوة وحزم واستبسال نيابة عن العرب والمسلمين، الذين كلفهم الله كافة بمواجهة اليهود والنصارى وباجتناب الطاغوت والتحرّر من هيمنته والكفر به.
موقف القوات المسلحة اليمنية في مواجهة العدوّ اللدود للأُمَّـة في استهدافها لعمق الكيان بالصواريخ البالستية والمجنحة والطائرات المسيَّرة بعيدة المدى، وفي إغلاقها لباب المندب في وجه السفن الإسرائيلية وكافة السفن الذاهبة لموانئ العدوّ ومنعها من الملاحة في البحرين العربي والأحمر، وفي استهدافها لكل ما يرتبط بهذا الكيان المجرم واستمراريتها في المعركة حتى إيقاف العدوان على غزة وإدخَال ما تحتاجه من الدواء والغذاء، وهذا موقف تاريخي ومشرف يعبر عن إرادَة الشعب اليمني الحر بمختلف انتماءاته وطوائفه ومناطقه، واستجابة لمطالب أحرار الشعب اليمني العظيم الذين يخرجون إلى الساحات بالملايين مطالبين بذلك، ولنداءات أحرار الأُمَّــة العربية والإسلامية، وتنفيذاً لتوجيهات القيادة الربانية الحكيمة التي جعلت بحكمتها وشجاعتها من اليمن رأس حربة المقاومة الإسلامية المناهضة لقوى الاستكبار العالمي ومشروعهم التدميري، الذي يستهدف الأُمَّــة عقيدة وأخلاقاً وفكراً وسلوكاً دولاً وشعوباً دنيا وآخرة، وليس غريباً عليهم مثل هذه المواقف؛ فالله خص اليمن بهذا الشرف العظيم: (يمن الإيمان والحكمة ونفس الرحمن في الأرض)، وحمّل يمن الأنصار هذه المسؤولية (نصرة الدين والمستضعفين) منذ بزوغ فجر الإسلام وحتى آخر الزمان على لسان نبي الأُمَّــة محمد (صلوات الله عليه وآله)؛ ولأنه شعب الأنصار الذين ناصروا رسول الله والإسلام في بداياته “الأوس والخزرج”.
فقد منّ وأنعم عليه الله في هذا الزمان بقائد يماني عظيم حكيم من أحفاد بيت النبي، من العترة الطاهرة، محفوف برعايته ومنصور بنصره، يستعيد مكانة اليمن العظيمة التي عرفه التاريخ بها بمواقف بطولية عظيمة في مرحلة الأُمَّــة أحوج ما تحتاج إليها.
وسيسجل التاريخ في أنصع صفحاته أن اليمن المحاصر الصابر المستضعف المظلوم وقف بقوة وحزم في وجه الصلف والإجرام الصهيوأمريكي؛ نصرةً لغزة ومقاومتها الباسلة وشعبها المظلوم، وسيرمي التاريخ بجيوش وحكومات العرب والمسلمين المتخمة بالمال والسلاح المحايدة في مزبلته محملة بالخزي والعار ملعونة عبر الأجيال، والعاقبة للمتقين.