|
الملف الإنساني سلاح العاجزين
بقلم/ عبدالرحمن مراد
نشر منذ: 3 سنوات و 5 أشهر و يوم واحد الجمعة 02 يوليو-تموز 2021 09:23 م
منذ فترة يمارس العدوان ضغطا على صنعاء بالملف الإنساني تارة من خلال المرتبات , وتارة أخرى من خلال المشتقات النفطية التي يحتجزها في البحر , وأخرى من خلال العمليات العسكرية , التي يريد أن تتوقف مقابل الإفراج عن سفينة غذاء أو دواء أو نفط , لم يطل تفاؤل الناس كثيرا بالوفد العماني حتى كانت المقايضة بالملف الإنساني هي المعيق للوساطة العمانية .
السعودية تشعر بالهزيمة النفسية والعسكرية والسياسية وتريد تحقيق الانتصار بالملف الإنساني , وقد يتعذر عليها ذلك , فالمبدأ الذي سار عليه تاريخ أهل اليمن هو الموت جوعا دون الركوع ذلا وهوانا , وهو مبدأ قديم كان على تناغم مع ثوار آل بيت رسول الله الذين ثاروا على الظلم في حقب التاريخ المختلفة وكان شعارهم هيهات منا الذلة وما يزال هذا الشعار يشعل الثورات في اليمن منذ أن أطلقه الإمام زيد رضوان الله عليه إلى اليوم .
لن تصل السعودية إلى غايتها بالمطلق وقد كان يمكنها الخروج بماء الوجه من خلال الكثير من الفرص التي تهيأت لها , لكن يأبى الله إلا أن يجعل الطغاة أذلاء خاسئين يتجرعون ويلات الذل والهوان كما رأينا ورأى العالم ذلك في كل العمليات العسكرية النوعية منذ اتسعت دائرة التأثير للمقولة الشهيرة للمجاهد اليمني : “سلم نفسك يا سعودي أنت محاصر ” إلى أن رأى العالم الذل والهوان الذي لحق بالجنود السعوديين وهم ينحدرون من القمم الشاهقة في مشهد درامي تراجيدي غير سار لحكام السعودية الذين وجدوا أنفسهم وقد غرقوا في مستنقع الموت والهوان وبالتالي خسروا كل شيء وفقدوا القيمة والمعنى على يد جيش اليمن ولجانه الشعبية الذين يقتحمون معاقلهم بأقدام حافية كما لم يفعل ذلك أحد من قبلهم .
ما يبعث على الحزن ويقلقنا في هذه المرحلة أن نرى من أبناء اليمن ومن الأحزاب التي تؤيد هذا العدوان على اليمن استغلالاً رخيصاً ومبتذلاً لآلام الناس وأوجاعهم وكأنهم بمثل ذلك ينتصرون سياسياً ,وهم لا يدركون حجم الفجوة بين الانتصار السياسي المبتذل وبين السقوط الأخلاقي في وحل الرذيلة، إذ أن ما بينهما مساحات رخوة لا يمكن الركون عليها أو الصعود منها، وكان الأجدر بأولئك النفر الذين يعزفون على وتر الانتصار بريشة الجرح النازف والألم والجوع أن يعودوا إلى ضمائرهم وينتفضوا في وجه التحالف معلنين رفضهم حصار أبناء جلدتهم وأبناء وطنهم, لأن الانتصار بالصغائر صغار وذلة، ومن أراد المجد سعى إليه بروح الكبار لا بذلّ الصغار وهوانهم، وهم يدركون- إن كان بقي في عروقهم شيء من يمنيتهم- أن اليمن لها مبدأ تاريخي لا يمكنها أن تتجاوزه في كل حقبها وتاريخها، كما دلت على ذلك الأحداث والوقائع وهي أنها تفضل الموت جوعا على العيش هواناً وذلة وشناراً ولذلك لم تنتفض صنعاء يوم أعدَّ العملاء حملة- أنا نازل- لأن صنعاء تعرف عدوها الحقيقي وقاتلها الحقيقي ولذلك فشلت الحملة رغم الغطاء الإعلامي المكثف، وفشلت الخلايا العنقودية التي كانت تعد العدة لإحداث الفوضى وأعمال الشغب في صنعاء, وفشل المال والبناء التنظيمي المحكم الذي كان الاشتغال عليه اشتغالاً واعياً ورصيناً، وانهار ذلك البناء وذلك الاشتغال أمام يقظة الحس الوطني الرافض للعدوان والحصار والرافض للخضوع والذل والهوان..
لقد مارس التحالف وعملاؤه كل أشكال القبح واستغلوا كل المآسي الإنسانية، ولم يدركوا أن الاشتغال على البعد الإنساني سلاح العاجزين وقد خابوا وخسروا .
ومع تزايد المعاناة الإنسانية وارتفاع وتيرتها ووصولها إلى الذروة لتأخر صرف مرتبات العاملين في القطاعين: المدني والعسكري، ارتفعت الأصوات الشاجبة والمنددة بالحال الذي وصل إليه الإنسان اليمني وبدأت أبواقهم وبدأ نشطاؤهم يتحدثون عن مآسٍ وجوع وفقر في غباء مفرط في الغباء, ونذالة تستغرق نفسها بشكل قذر في بحيرتها الآسنة، ذلك أن الذي يتحدث عن المأساة والجوع والفقر في حالين متضادين، الحال الأول: أنه يعيش في الفنادق الفارهة في عاصمة من عواصم العدوان على اليمن، والحال الثاني: أن المتباكي مؤيد للعدوان وللحصار البري والبحري والجوي وهو جزء مفصلي من المأساة لكنه لا يرى نفسه كذلك، ولذلك أصبح لزاماً علينا القول إن اليمن تخوض حرباً ضروساً.. مع عدو غير شريف يفرط في حصارها وبمساندة عملاء لا يتصفون بالضمير الإنساني النزيه, وهي معضلة، حين يصبح العميل بوقاً يبرر النتيجة ويرمي بمسؤوليتها على خصوم له، ويترك المقدمات التي يصنعها العدو الحقيقي للوطن، فالحصار الذي تفرضه دول التحالف بقيادة السعودية على اليمن، هو السبب وراء تدهور الوضع الإنساني في اليمن ,والعميل الخائن لوطنه يبرره ويؤيده ولكنه لا يرى إلَّا المأساة التي تجتاح البلد، وإن قلت له :ما سبب هذه المأساة؟ ساق لك المبررات وصاغ الحجج والبراهين وبما يتنافى مع الحقائق والواقع..
يسكت العالم كله اليوم أمام قبح السعودية ودول العدوان على اليمن في ظاهرة لم تكن مسبوقة , فالسعودية تحاصر اليمن في كل مقومات حياته وتشن حربا تدمر كل مقومات الحياة في اليمن , وتضلل الرأي العام العالمي من خلال الإنفاق على شركات العلاقات الدولية .
إننا نخوض حربا غير متكافئة مع عدو غير شريف يريد أن يحقق انتصارا من خلال حصارنا وهيهات أن يحدث ذلك .. وتلك هي الخلاصة . |
|
|