ظنت دويلة الإمارات -وهي تخوض معركتها- أنها أصبحت بمنأًى عن متناول الجيش واللجان الشعبيّة ولذلك كانت تناور من مكان بعيد وتدعي الانسحاب، وقد دلت الأيّام أنها تخادع الله والناس، ولم تتق صبر الحليم حتى أتتها نيران غضبه، فخرج العالم كله شاجباً ومندِّدًا في ظاهرة لم تكن إلا تعبيراً عن واقع مختل في معادلة التوازن والوجود، إذ يغض الطرف عما تقوم به الإمارات وأذرعها وما يقوم به طيرانها في ربوع اليمن ولكنه لا يرى إلا دفاع أهل اليمن عن أنفسهم وعرضهم وأرضهم وهو حق مشروع وفق كُـلّ الأعراف والسنن والقوانين التي تعارف عليها البشر منذ فجر التاريخ إلى يومنا المشهود.
ولعله من بواعث السخرية والألم في الآن نفسه أن نرى خطاباً سياسيًّا وإعلامياً يقوم على مبدأ الفجور في الخصومة، ونرى تحليلات تقوم على التضليل وحرف الأشياء عن مسارها الحقيقي، فالقضية العادلة تفرض مفردات وجودها ولن يصيب كُـلّ مضلل وضال إلا الخزي والعار منها في حال حاول أن يصوغ مبرّرات غير منطقية لها، وهو ما نراه اليوم في منصات التواصل الاجتماعي التي كادت أن تفصح عن رغبة الرأي العام العربي والعالمي في كسر شوكة الإمارات التي أخذها غرور القوة والمال إلى مربعات خطرة لن تكون في صالحها في حال تمادى عرب الصحراء في حبل الانجرار وراء الأطماع الصهيونية في السيطرة على مقاليد الأمور في المنافذ البحرية والتحكم بمصادر الطاقة ومقدرات العرب، فالدويلة التي تقوم أسسها الحضارية على الرمال المتحَرّكة لن تستقر مهما حاول الواهمون أن يجندوا كُـلّ طاقاتهم في الإقناع والتبرير والتضليل.
الكثير من التغطيات الخبرية تغفل عن طبيعة المعركة وتحاول أن تنسى الغطاء الجوي الذي عمل على تمشيط الأرض شبراً شبراً حتى يتمكّن مرتزِقة الإمارات من التقدم في محافظة شبوة، ويتحدثون عن قدرة مرتزِقة الإمارات في غضب اليمنيين حتى عملوا على استهداف الإمارات، ولم يتذكروا مسار المعارك في البيضاء وفي مأرب وكيف استطاع الجيش واللجان الشعبيّة من السيطرة على مسار المعارك في ظرف زمني وجيز دون غطاء جوي بل إيمَاناً منهم بعدالة قضيتهم، لذلك فكل التحليلات التي يذهبون إليها لم تكن إلا حرباً نفسية تجاوز أهل اليمن فكرتها إدراكاً لها منهم، ولم تعد تنطلي عليهم تلك الأساليب؛ لأَنَّهم يعرفون العمالقة فهم كالقشة لا يمكن البناء عليها مهما طبل المبطلون.
كما يدرك أهل اليمن كامل الإدراك أن الإمارات مَـا هِي إلا الوجهُ الآخرُ لإسرائيل ولذلك فهم يقاتلون إسرائيل التي تقاتلهم من خلف عقال وبشت الإماراتيين، ومعطيات الواقع أضحت ظاهرة للعيان في عدن وفي سقطرى وفي شبوة وفي كُـلّ الأرض المحتلّة من جنوب اليمن، حتى الطائرات التي قصفت الأحياء السكنية في المدينة الليبية في صنعاء مساء يوم الاثنين، السابع عشر من يناير 2022م كانت طائرات إسرائيلية ومقذوفاتها البالغة الدقة كانت إسرائيلية فالإمارات بحكم الاتّفاقات الأمنية والعسكرية لا تملك أسلحة حديثة وغير مصرح لها بذلك وهذا أمر أصبح معروفاً في الخليج كله وليس في الإمارات فقط، فكل الأسلحة التي يتم الإعلان عن شرائها تصل إلى شركات أمنية وعسكرية يهودية ولا يمكن أن يشرف على استخدامها غير اليهود الذين ينتمون إلى جنسيات مختلفة لغرض التمويه.
معركة شبوة من محاسنها أنها أعادت الأمور إلى مسارها الحقيقي الذي كان باطناً ويعمل من خلف جدر كما هي العادة عند اليهود الذين سوف يرعبهم ما حدث في دبي وأبو ظبي، فالمال اليهودي الموجود هناك سوف يصاب بالشلل إذَا استمرت الإمارات في التمادي في الغي، ولذلك فالضغط في هذا المسار وتكثيف النشاط العملياتي والعسكري نحو دبي وأبو ظبي سيجعل من صنعاء متحكمة في مسار المعركة الوجودية والمصيرية وربما تفرض شروط السلام في المنطقة.