تفقد الكلمات حضورها في محراب المسيرة الحسينية اليمانية، ورغم أنها تُتلى في حضرة مقدسة وتسعى لتفسير عظمة الشخصية والمنهج، إلَّا انها تفشل في احتواء القصة وَالإلمام بتفاصيل الرواية والسيرة الخالدة والباقية لصاحب الذكرى.
في خطاب السيد القائد بالذكرى السنوية لاستشهاد السيد حسين بدر الدين الحوثي بعضٌ من مضامين السيرة الجهادية والإنسانية الملحمية وَالشجاعة الكفيلة بأن تضع الشهيد في سجل الخالدين وَعلى رأس قائمة الشخصيات التي غيّرت مجرى التاريخ بالوعي والعمل.
تحَرّك الحسين -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- في زمن ما عاد يُنتظَرُ فيه نبي أَو رسول، غير أن حركته كانت امتداداً لهذا الخط برتم المنهج وَحساسية التوقيت، منهجية إلهية بُعثت من جديد في زمن مظلم وموحش فقدت فيه الأُمَّــةُ بُوصلتَها وَضلت الطريق، زمن طغى واستحكم فيه الظلم والتضليل، وفي طريق يعتريها جبال من الغام وأشواك تراكمت واستفحلت بفعل الغفلة واللاتناهي والصمت التي تنكر فيها الباطل للحق، حتى صار يقدم الباطل فيها نفسه حقاً.
من هذا الواقع الملبد بالمنهكات، جاء النجاح الحسيني، وبشجاعته وصبره وَوعيه وَحجّـة المنهجية التي يحارب بها ولأجلها استطاع أن يحدث هزةً وثغرةً في تلك العوائق رغم حجمها وَتنوعها، فكانت مدرسته ندا للتحديات رغم تعدد أشكالها وابعادها، ومن بين ضجيج الأعداء وَمشانق التحشيد والاستقواء والتشهير والتزييف، ارتفع صوته ليسمعه الجمع، وأبعد من ذلك تجاوزت أصداؤه المكان، والزمان أَيْـضاً.
نجح الأعداء في استهدافه جسديًّا، غير أن الأوان كان قد فات بمعيار أمانيهم، فالحسين ومنهاجه قد انتشر وَتناسل وَأصبح في كُـلّ قلب وكل بيت يمني، وتلك مشيئة الله، وَمن كان يُستهدف في جبال صعدة وكهوفها تحت مصطلحات التمرد أصبح اليوم حاملاً لأمل شعب وطوق نجاة لحاضره ومستقبله، وتكشفت حقيقة الأدعياء في زمن لا مجال فيه للمواربة والتضليل، وبات تلامذةُ هذه المدرسة الحسينية ورجالُها هم مشعلَ الحرية والكرامة لشعبهم وبلدهم، وَنوراً على طريق العزة والخلاص لكل الأُمَّــة العربية والإسلامية.