يحتفل أبناء الشعب اليمني يوم غدٍ بعيد جمعة رجب - ذكرى دخول اليمنيين في دين الله أفواجاً وإيمانهم بالرسالة المحمدية عبر مبعوثه إلى اليمن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.
واعتاد اليمنيون على إحياء "جمعة رجب"، كونها الحدث الأبرز لتجديد ولائهم وارتباطهم بالإسلام وتعزيز القيم والمبادئ واستحضار الفضائل التي ساروا عليها منذ القدم، خاصة ما يتصل بزيارة الأهل والأقارب وصلة الأرحام والتوسيع على الأهل وغيرها.
ويتفرد أهل اليمن في الاحتفال بهذه المناسبة الدينية الجليلة باعتبارها جزءاً من مورثهم الثقافي وهويتهم الإيمانية التي تؤكد ارتباطهم بالرسالة المحمدية منذ دخولهم الإسلام، فضلاً عن الأجواء الروحانية التي تحيط بهذه الذكرى في بيوت الله.
ويتوارث اليمنيون، إحياء هذه المناسبة "عيد جمعة رجب"، انطلاقاً من العادات والتقاليد المعززة للهوية الإيمانية، من خلال الاحتفال بها في المساجد بإلقاء المحاضرات والحلقات، خاصة في ظل محاولات الأعداء لطمس الهوية الإيمانية اليمنية.
ويتعاظم الاحتفال بجمعة رجب في السنوات الأخيرة في اليمن، باعتبارها عيداً لأهل اليمن الذين ناصروا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحملوا راية العقيدة وساهموا في نشرها بأرجاء المعمورة منذ فجر الدعوة الإسلامية.
ومنذ صباح يوم الجمعة الأولى من شهر رجب، يسارع أهل اليمن إلى المساجد للاستماع إلى المواعظ والدروس والعبر حول هذه المناسبة التي تُعد من نعم الله عليهم بدخولهم في الإسلام ومناصرتهم للدعوة المحمدية ومشاركتهم في الفتوحات الإسلامية.
رسمياً أقرت مؤخراً اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات الدينية برنامج حكومة الإنقاذ الوطني لإحياء ذكرى جمعة رجب ١٤٤٤هـ، والأنشطة الاحتفالية بهذه المناسبة التي حرص الشعب اليمني منذ قرون على إحيائها والاحتفاء بها تعبيراً عن الشكر للخالق سبحانه وتعالى وتفضله على أهل اليمن وشرح صدورهم للدخول في دين الله أفواجاً.
وتضمنت الخطة الحكومية، مجمل المهام والفعاليات المكرسة للاحتفاء بهذه الذكرى على مستوى الجهات المركزية والمحلية، باعتبارها واحدة من المناسبات المهمة المتصلة بالهوية الإيمانية للشعب اليمني الذي يُعتز ويفخر بانتمائه إلى أمة الإسلام وبدور أجداده المشرف في مناصرة الدين الإسلامي في مهده وحملهم رايته فاتحين إلى أصقاع الأرض.
وتتعدد مظاهر الاحتفال الرسمية والشعبية بعيد جمعة رجب في العاصمة صنعاء والمحافظات، لما تحتله هذه المناسبة من مكانة ارتبطت بدخول أهل اليمن الإسلام ووصول مبعوث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه إلى صنعاء والصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه، إلى منطقة الجند لحمل رسالة الإسلام لليمنيين الذين استجابوا لها ودخلوا جميعاً في دين الله أفواجاً غير مكرهين.
وتحت شعار " هوية إيمانية وحكمة يمانية"، تقيم الهيئة العامة للأوقاف صباح يوم الجمعة الفعالية الاحتفالية بالجامع الكبير بصنعاء بعيد جمعة رجب - ذكرى دخول أهل اليمن الإسلام، بمشاركة كوكبة من العلماء الأجلاء والخطباء والدعاة والمرشدين.
وأوضح رئيس الهيئة العامة للأوقاف العلامة عبدالمجيد الحوثي، أن الهيئة حرصت على إحياء هذه المناسبة سنوياً بفعالية احتفالية بالجامع الكبير بصنعاء، لما يشكله من رمزية وما يحتله من مكانة دينية كونه بُني بأمر من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال" إن أهل اليمن، آمنوا بالرسالة المحمدية، وبايعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على السمع والطاعة وحملوا راية الدين وساهموا في نشر الإسلام في أرجاء المعمورة".
وأضاف" نعتز برسالة الإسلام التي وصلت إلينا عبر الإمام علي عليه السلام، مبعوث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عندما اجتمع بأهل اليمن في مثل هذا اليوم وقرأ عليهم رسالة الرسول الكريم وآمنوا به، وعندما عرف رسول الله خر ساجداً وقال : السلام على همدان ثلاثاً ودعا لأهل اليمن".
وأشار العلامة الحوثي، إلى أن عيد جمعة رجب فرصة لاستحضار الفضائل التي اعتاد أبناء اليمن على إحيائها بالذكر والتسبيح والدعاء وزيارة الأهل والأقارب وصلة الأرحام ومواساة الفقراء والمساكين والمحتاجين.
صنعاء القديمة، شهدت اليوم الخميس، فعاليات احتفالية بمشاركة واسعة من مختلف مديريات الأمانة، لإبراز عظمة هذه المناسبة الدينية، وتعاظم مكانتها التي تجلّت في فرحة اليمنيين بدخولهم في دين الله أفواجاً.
واشتهرت مدينة صنعاء القديمة بسوق الحلقة الذي سُمي بهذا الاسم لأن الإمام علي عليه السلام لما وصل إلى هذا المكان، وقرأ رسالة النبي صلوات الله عليه وآله وسلم على اليمنيين، اجتمعوا حوله مشكلين حلقة وأسلموا فوراً وسمي بسوق الحلقة.
وانطلاقاً من رمزية سوق الحلقة خاصة في ذكرى جمعة رجب، حرص فخامة المشير الركن مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى على زيارته، والتأكيد على ترميمه لما له من دلالة إيمانية.
كما شهد مسرح الهواء الطلق بمدينة صنعاء، فعالية احتفالية بجمعة رجب، شملت فقراتها كلمات وقصيدة وإنشاد لفرقة جمعية المنشدين اليمنيين وأوبريت "الحكمة يمانية"، الذي تحدث عن أهمية الحفاظ على الهُوية الإيمانية ومحاربة الغزو الفكري، ومواجهة الحرب الناعمة التي تستهدف هوية اليمنيين ووحدتهم.
واعتبر نائب وزير الإرشاد وشؤون الحج والعمرة العلامة فؤاد ناجي، الاحتفال بذكرى جمعة رجب محطة لتعزيز الهوية الإيمانية وترسيخها وإدراك معانيها ومفاهيمها وأبعادها الثقافية والفكرية.
وقال" جمعة رجب هي عيد المسلمين واليمنيين بصورة خاصة، وهي التحول الأكبر في تاريخ اليمنيين من براثن الجاهلية إلى الإسلام والإيمان، بل هي أكبر تحول لليمنيين بدخولهم في دين أفواجاً وهي فرحة بفضل الله ورحمته وبنعمته على الهداية".
وأشار العلامة ناجي، إلى أن هذه المناسبة، محطة لاستلهام الدروس والعبر من تاريخ اليمنيين الأوائل الذين كانت لهم مواقف مشرفة في تاريخ الإسلام للحفاظ على الموروث التاريخي والثقافي لأهل اليمن، للسير على نهجهم والمضي في طريقهم.
ورغم محاربة الفكر الوهابي، للتراث والهوية الإيمانية والتاريخ اليمني منذ عقود، شهد جامع الجند التاريخي بمحافظة تعز، مطلع الأسبوع الجاري فعالية احتفالية، تدشيناً لفعاليات وأنشطة الهوية الإيمانية بمناسبة ذكرى جمعة رجب.
ويتوافد الآلاف من أبناء اليمن من مختلف المحافظات في أول جمعة من رجب إلى جامع الجند للمشاركة لإحياء هذه المناسبة الدينية ما يعكس مدى الابتهاج والفرحة بهذه الذكرى التي ستظل خالدة عبر التاريخ.
وأشار الشيخ مقبل الكدهي إلى اعتزاز اليمنيين وابتهاجهم بجمعة رجب ذكرى دخول الإسلام إلى اليمن.
وتطرق إلى فضائل أهل اليمن ومكانتهم عند المولى تبارك وتعالى والرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم الذي وصفهم بقوله " الإيمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان".
بدوره قال عضو رابطة علماء اليمن الشيخ علي محسن المطري" جمعة رجب بالنسبة لليمنيين هي الجمعة الأولى التي صلاها أهل اليمن فرحاً بدخولهم في دين الله، واستبشاراً بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم".
وأشار إلى أن جمعة رجب، عيد لليمنيين في صلة أرحاهم وزيارة أقاربهم وتسامحهم وتصالحهم مع بعضهم تعظيما لشعائر الله وابتهاجاً بالإسلام.
وأضاف" جمعة رجب عادة طيبة وحميدة يعظم فيها أهل اليمن شعائر الله في هذا اليوم ويتقربون فيه إلى الله بفعل الخير، وهذا يدل على الإيمان والتقوى".
ودعا العلامة المطري، إلى استحضار الدروس والعبر من هذه المناسبة والعودة الصادقة إلى الله عز وجل والتقرب منه والتراحم وتعزيز التكافل، خاصة في ظل تربص العدو بالأمة والشعب اليمني بوجه خاص.
ورغم تكالب قوى الهيمنة والاستكبار على يمن الإيمان والحكمة لطمس الهوية الإيمانية، وتبديلها بهوية وثقافة عكسية، يظل اليمنيون بإحياء ذكرى جمعة رجب متمسكون بهويتهم الإيمانية ومجسدون لها عملاً وسلوكاً.
* نقلا عن :سبأ نت
تعليقات:
قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي: