|
نشيد القبور
بقلم/ صلاح الدكّاك
نشر منذ: سنة و 9 أشهر و 13 يوماً الإثنين 13 فبراير-شباط 2023 08:49 م
..
لمن تكتب الشِّعرَ....؟!!
كم زمنٍ مرَّ منذ بدأتَ القصيدةَ؟!
ثمَّ صَحَوْت غريباً
على هامش الحَفل،
والحفلُ يحفلُ بالميِّتين،
ويُعرِض دُونَكْ
لايزال رفاتُ الأوائلِ ينخرُ جمجمةَ الدهرِ،
والحشدُ في سَكْرةٍ بالغبارِ المُقدَّسِ يستمطرونَ كنوزَ الخَبِيئةْ
يحفظون لمحظِيَّةٍ في ليالي الرشيد قصائدَها والنِّكاتِ البذيئةْ
ومثلَ الخطيئةِ
تنزفُ خارج أرضِ الغبارِ لحونَكْ
**
لمن ياغريبُ تدندنُ في صَخَب المسرح الحَجريِّ حنينَكْ....؟!
ليرحلَ لحنُك بينَكَ غيرَ بعيدٍ وبَينَكْ!!
**
بأوسِمةِ القصرِ
تمشي التوابيتُ مختالةً للمنَصَّاتِ،كي تتقيأَ فوق الجماهير أحشاءَها.
ويصفِّقُ للجثثِ الباذخاتِ، الحضورْ
المسارحُ منذورةٌ لنَشيد القبورْ
والقيامةُ تختار أبطالَها
والقصورْ
فحاذِر يقينَكْ
عشْ عارياً مِنْ مخامِلهِ،
حافياً مِنْ صِراط العبورِ إلى محفل الأبديَّةْ
أوفاعتنقْ كفنَ الرُّشدِ
واخلع على عتباتِ الجلالةِ، "لاءَكْ"عنْ جسدِ الأبجديَّةْ
عشْ مَوتَ روحك فيك،
فمن لا حياةَ له لا يموتْ
وكنْ غيرَ ذاتكَ..
مَنْ لم يكُنْ في المَدى،
صوتَ أشواقِه..
كانَ أعلى صَدَى
فاغزل الحرفَ مقبرةً تتسربلُ أكفانُها الروحَ كالعنكبوتْ
**
لمنْ تكتبُ الشِّعرَ؟!...
لولا اغترابُ المسافرِ في الطِّينِ لم يَرتَجِل وطناً مِنْ حروفٍ؛
ولو حينَ أظمَأَهُ اليُتمُ مَالتْ على مَهدِه حَلْمَةٌ، لم يُعاقِر حليبَ المجاز.
لمَنْ ترفعُ الصَّلواتِ؟!..
وما مِنْ يَدَينِ لسَجَّادةِ" النَّاصريِّ" تَشُدَّانِ أهدابَه للسَّماءِ..
ولا"مريمٌ"لتُبَشِّرَ مهدَ عذاباته بالخلاص، ولا مِنْ مَلَكْ
وُلِدتَ مع لُعبةٍ لا سِواها، اسمها الشِّعرُ، حطَّتْ على التَّختِ وانزَلَقَتْ في يديك ولم يَفطَنِ الآخرون إليها ولا أنت،
لا عِلمَ للآخرين ولا عِلمَ لَكْ
سوى أنه الحُزنُ كان يُديرُ مفاتيحَها فتدورُ النَّيازكُ في راحتيك المُحايدتينِ..
لَوْ الصِّبْيةُ احتَمَلُوا لَسْعَها، سَرَقُوا النَّارَ مِنكَ وما كُنتَ، لكنَّهم جَبُنُوا واكتَويْتَ.
كَبُرتَ ولم تَخْفُتِ النَّارُ،
لم يسرِقوا لعبةَ الحزنِ..
لكنَّهم كُلَّما حاولوا كَسْرَها، كَسَرُوا أنمُلَكْ
**
فحتَّامَ تَحزِمُ في صُرَّةِ الأبجديةِ عمرَك مُرتحِلاً، في الغيابِ، تُذَرِّيكَ سَافِيَةُ الوَقتِ؟!!
لا وجهةٌ للرَّحِيلِ ولا وطنٌ للإيابِ
سوى الاغترابِ
ولا شيءَ يخلُدُ فوق التُّرابِ المُعَبَّدِ بالموتِ، غيرُ الجِيَفْ
فما أبعدَ المُشتهى ياغريبُ..
وما أضيَعَ العمرَ حين تموتُ الرِّوايةُ في المُنتَصَفْ
ويبقى الصَّهيلُ
بلا منتهى..
والعذابْ.
#إتحاد_الشعراء_والمنشدين |
|
|