للخروج الشعبي العرمرم والتاريخي أمس الأول دلالات أعمق بكثير من كونه مجرد احتشاد مرحلي استدعاه منعطف اشتباك "متأزم" بين شعبنا من جهة والعدو السعودي من جهة مقابلة في سياق إسنادنا البطولي لغزة المقاومة وقضيتنا المركزية فلسطين.
فإذا كانت دلالته قد باتت معلومة لجهة حيوية العلاقة بين الشعب والقائد ومدى اصطفاف الشارع اليمني المثخن والحر معه كقائد جسَّد على نحو منظور آلام وآمال اليمنيين، فإن طيف الخروج الشعبي الواسع والمتنوع عقب خطابه التاريخي الخميس المنصرم يمنح هذه الدلالة المعلومة زخماً فارقاً لجهة أن أبا جبريل بات بلا منازع محور رهان التغيير الجذري الذي تصبو إليه كل شعوب المنطقة وعَبَّر عنه شعبنا ولايزال باعتباره طليعتها نهوضاً بتحديات هذا التغيير وأثمانه وصدارتها كفاحاً تحررياً في مواجهة الإمبريالية الأمريكية وكياناتها وأدواتها الاستعمارية والوظيفية في المنطقة حيث السعودية تمثل مرتبة تالية بعد الكيان الصهيوني على قائمتها.
إن تموضع شعبنا بقيادة أبي جبريل في الضفة الأكثر وضوحاً من الصراع ضد أعداء الأمة ليس وليد ما بعد طوفان الأقصى فالمعركة المباشرة التي نخوضها اليوم مع العدو الصهيوأمريكي هي نتاج لجدارة كفاحنا الثوري التحرري ضد السلطة الكمبرادورية المحلية والإطاحة بها في الـ21 من أيلول/ سبتمبر 2014 وحصيلة لمعركة خضناها ونخوضها منذ آذار/ مارس 2015 في مواجهة تحالف الكيانات الإقليمية الوكيلة للإمبريالية وعلى رأسها السعودية.
لو لم نكن جديرين وطنياً في 21 أيلول لما كان عدوان 26 آذار إقليمياً، ولو لم نكن جديرين عربياً في مواجهة العدوان الإقليمي لما كنا نخوض اليوم بجدارة أممية معركة فلسطين والأمة في مواجهة أمريكا بالنيابة عن كل أحرار العالم.
لقد سبق لأبي جبريل أن حذر السعودية مع غارات تحالف عدوانها الأولى قبل نحو عقد "من أنها لن تكسب من حربها العدوانية على شعبنا سوى حقده جيلاً بعد جيل عليها"، واليوم فإنها بتصعيد حربها الاقتصادية الشاملة على شعبنا الذي يخوض معركة الأمة، تحصد حقداً وحدوياً شاملاً تتماهى في أتونه جغرافيا السيادة مع الجغرافيا المحتلة مع شارع عربي واسع بات يمن الأنصار رهان خلاص قومياً بالنسبة إليه... ولا غرابة أن تصب روافد هذا الغضب العارم من صنعاء لغزة لعدن لعمّان للقاهرة للرباط..، في مجرى ببندقية أبي جبريل وأن تغدو هذه البندقية عموداً فقرياً لكل مستضعفي العالم.
إن شعبنا الحر لم يعد الفريسة العزلاء والسائغة التي كانت تعتقدها السعودية فيه وتريد له أن يكونها، فقد أرغمتها يده الطائلة على الجنوح لهدنة وإنْ تكتيكياً وتجاوزتها هذه اليدُ لتهدم معبد الهيمنة الكونية على رؤوس أرباب بني سعود، ولا مناص من أن يسقط العبيد بسقوط معبودهم...
أجل لايزال هناك الكثير من البيادق المحلية والإقليمية التي تناور بها الإمبريالية على رقعة المعركة ضدنا، ونحن متهمون بالتسامح معها...
أجل إننا متسامحون، فمن الغباء أن تعود إلى الخلف لتُجهز على بيدق، حين تكون قيد خطوة من أن تقول:
"كش ملك... كش أمريكا"...
إن ذلك يغنينا عن طرح السؤال التالي الأكثر سطحية:
هل ستذعن السعودية للحق اليمني أم لا؟!
فهو سؤال يطرحه أولئك الذين يرون في البيدق الشاخص على الرقعة مَلكاً بعد انتهاء اللعبة!