ما يجري في الجنوب يكشفُ ما نؤكّده دَائماً عن توجّهات دول الاحتلال التي تحرصُ على تغذية الصراعات بين المكونات السياسية والاجتماعية، في إطار استهدافها لكل الشعب اليمني بكل مكوناته، حتى تلك الموالية لها، حيث تسعى إلى إنتاج واقع مقسَّم وممزق ومهترئ يهيّئ لمشروعها التمزيقي والتفكيكي في اليمن؛ كونه لم ينضجْ مشروعها بعدُ؛ بفعل صمود ووعي الشعب والمكونات الوطنية التي تتصدى لهذه المشاريع.
إلا أنها وللأسفِ وجدت متنفساً لتنفيذ مشاريعها في المحافظات المحتلة، وخُصُوصاً الجنوبية منها، حيث فتحت بعضُ المكونات هناك البابَ على مصراعيه لكل المشاريع الإقليمية والدولية المشبوهة للعمل في أوساط المجتمع دون أي حدود.
وما يحصل اليوم هو نتيجة طبيعية لوجود هذه المشاريع وتحَـرّكها بدون أية مناهضة ومقاومة لها.
كما نؤكد أن الدول اللاعبة بشكل مباشر في الجنوب، خُصُوصاً الإمارات والسعودية، ليست على خلاف كما يقول البعض، بل تلعبُ أدواراً لتغذية ودعم وإنتاج هذا الواقع المرير في الجنوب وفق المشروع الأمريكي في المنطقة.
وللأسف فكثيرٌ من القوى والمكونات التي تدورُ في فلك دول الاحتلال والعدوان ما زالت منخدعةً وتعيشُ في وَهْــمٍ بدعم دولي لها بما يخدمُ مشاريعَها، وفي الحقيقة لا الإمارات تريد تمكينَ ما يسمى المجلس الانتقالي من الجنوب وتحقيق مشروعه، ولا السعودية تريد تمكين الإصلاح أَوْ ما يسمى بالشرعية في إطار مشروعها.
والكل مستهدَفٌ كشعب يمني وستدفعُ الكلَّ ضد الكل.
أتمنى أن تكونَ الأحداثُ الأخيرةُ مثّلت درساً وَشكلت صحوة ووضّحت الصورة للجميع، بأن دولَ العدوان والاحتلال لديهم مشاريعُ خَاصَّـةٌ بها واستحواذية على الثروة والسيطرة على المواقع الاستراتيجية الساحلية والهيمنة على القرار اليمني والتي تسعى إليه من خلال مشروع تفتيت اليمن وتمزيقه وبقائه مضطرباً وغيرَ مستقرٍّ.
فمشروعُها يتجاوز مشاريع كُلّ المكونات، بما فيها المشاريع التي تدعو إلى انفصال الجنوب عن الشمال، حيث تسعى لفرض واقع أسوأ بكثير لا يسمح وطارد للأمن والاستقرار وبناء الدولة.
أعتقد أن الجميعَ خسرانُ جراء ما يحدث ولن يستفيدَ إلا العدو الخارجي ودول الاحتلال.
ولذلك نتمنى أن تراجع المكونات والأحزاب السياسية مواقفَها وتعود إلى رشدها، فما هم عليه هو بسبب التماهي مع الخارج ودول الاحتلال.
والحل يتمثل في إغلاقِ المجال أمام المشاريع والاستقطابات الدولية والخارجية في الداخل وَليس بالاستقواء بالخارج على أخيك ومنافسك وحتى خصمك اليمني، بل إن التوحُّدَ حول الأولوية في هذه المرحلة بالحفاظ على الوطن والمواجهة والقضاء على الداء والسبب الرئيسي لإنتاج هذه الصراعات، وهو الاحتلال والتدخلات الأجنبية والحفاظ على السيادة اليمنية كمبدأ لا يتم تجاوزُه والذي سيقطع الطريق أمام كُلّ هذه المشاريع المدمرة لليمن أرضاً وإنْسَاناً.
لن يكونَ الحلُّ والخروجُ من هذا المأزق وتحقيق الأمن والاستقرار للبلد إلّا عندما يثق اليمنيون بأنفسهم من مختلف الأطياف والمكونات، ويرسلون درسا للعالم أنهم فقط مَن يستطيعون فرضَ إرادتهم على الجميع.
وعندما يجتمعون ويتوحدون ويعتمدون على حل أية تباينات إلى لغة الحوار اليمني اليمني تحت سقف ثوابت وطنية متوافق عليها بعيداً عن تنفيذ أية أجندة خارجية.