لا يمكن توصيف تلويح النظام السعودي ومعه التابع غروندبرغ بالمرجعيات الثلاث إلا تعبيراً عن حالة إحباط وإفلاس، وحديثاً يبدو أن النظام كان مجبرا على إعادة الخوض فيه عقب عودة المبعوث الأممي إلى المنطقة لبعث وإحياء نقاط الخلاف، والقادم بدوره مدفوعا من الولايات المتحدة.
العودة للحديث عن مرجعيات جرى نسفها جملة وتفصيلا عندما قام تحالف جرى تجميعه أمريكيا بتمويل سعودي بشن حملة عدوانية، سحقوا شعبا بأكمله ونهبوا ثرواته ويريدون اليوم تأكيد الوصاية عليه وان لا يمن إلا بإذن سعودي أو أمريكي، ووأدوا تفاصيلها حين جعلوا القرار 2216 واجهة كل حلول مفترضة، بينما من خَبر الألاعيب الأمريكية سيدرك أن الأمر كله مطامع في السيطرة على البلد والتحكم في سياستها بالصورة التي تخدم المصالح الأمريكية، حتى مع تنفيذ التصور الأمريكي للحل في اليمن، لن يكون هناك إلا بلد مسخ وتابع لا معنى له، وبلد لا حق له بأن يتطلع أو يحلم أو يبني دولة معتمدة على ذاتها وتتعامل مع الآخرين من منطلق الندية وليس التبعية.
أمريكا تتشدد اليوم أكثر ومعها السعودية بطبيعة الحال، في مسعى مستميت لتدارك الحفاظ على ما يُبقي لها أدنى مستويات التأثير على اليمن، وهي ترى أن ما كانت تخشاه من قدرة اليمنيين على أن يشكلوا دولة قوية، تُبين المؤشرات بأنه يتحقق فعليا على أرض الواقع مع هذه الاستقلالية في القرار والمدعوم بالخطوات العملية في اتجاه التنفيذ، فعلى الصعيد العسكري، اليمن لم ينكفئ مع تدمير قدرته الدفاعية وإنما نشط في جانب التصنيع العسكري ليصنع المعجزات التي غيرت موازين القوى في غضون سنوات ثمان كانت مشحونة بالعدوان والحصار وأصبح بإمكان القوة اليمنية لعب الدور البارز على مستوى أمن المنطقة، زد على ذلك إنعاش القوات المسلحة لحطام الطائرات الحربية التي لم يكف أمريكا تدمير جزء كبير منها بمؤامرةٍ علم بها القاصي والداني بل زادت في تدمير ما تبقى خلال عدوان الثامني سنوات الماضية، لتحييها صنعاء اليوم وتستعرض بها بكل عنفوان المنتصر، والأسبوع الماضي راقبت أمريكا استعراض القوات المسلحة لمقاتلتين روسيتين نجحت في إعادتهما إلى الخدمة الأولى من نوع (سو-22)، والثانية من نوع (ميج1)، ما يشير إلى مفاجآت مرتقبة قد تشهدها أي معركة قادمة.
الأمر الثاني، والنموذج هو مواصلة صنعاء لخطاها في التحلل من أي تأثيرات خارجية وإقرارها قبل أيام قانون تجريم العمل الربوي وهو الإجراء الذي حاولت أمريكا منع إقراره من خلال استخدام موضوع تنفيذ مطالب اليمنيين الإنسانية كجزرة مقابل صرف النظر عن هذا القانون.
لتعود اليوم من خلال الممثلين لها الأمم المتحدة والسعودية، للتذكير بالمرجعيات الثلاث التي صار الشعب اليمني ينظر لها كأوراق محروقة لم يعد لها قيمة خصوصا بعد مآسي ثماني سنوات تجرعوا خلالها أبشع مظاهر الحقد الإنساني من أجل الفوز بحقوق الآخرين ليحيوا هم وشعوبهم في رخاء.
في كل الأحوال، أمريكا التي لا تهدأ من العبث بمصائر الشعوب لا تخجل من كثرة محطات الانتهاكات ولا تتعلم من الخيبات، والشهر الماضي مرت ذكرى أهم ثلاث علامات سُوداء في تاريخها، وهي الذكرى الـ 50 لانسحاب القوات الأمريكية من فيتنام عام 1973م، والذكرى الـ 20 لغزو العراق عام 2003م، وأضيف لهما الذكرى الثامنة لإعلان الحرب على اليمن واحتلال أجزاء منه.
* نقلا عن :الثورة نت