بعد 70 عاماً من النكبة.. سفارةُ أمريكا قريباً في القدس المحتلة!.. ربما كان ترامب مُحقًّا عندما قال إن الغَضب العربيّ والإسلاميّ تجاه قرارِه بنَقل السَّفارة الأمريكيّة إلى القُدس المُحتلّة سيَستمِرُّ لبِضعة أيّام، ثم سَرعانَ ما يَتراجع، وتَعود الأُمور إلى وَضْعِها الطَّبيعي، فها هو، وبَعد أشهرٍ قليلة، يُوجِّه “صَفعةً” أُخرى تَنطوي على اسْتفزازٍ أكثر وقاحة، بالإعلان عن التّسريع بهذهِ العمليّة، وافْتِتاح السَّفارة في 14 مايو القادِم في الذِّكرى السَّبعين لقِيام دَولة الاحتلال الإسرائيلي.
فلسطين هي المترسُ الأولُ والخندقُ المتقدِّمُ للأمة، وكلما فرّطت فيه كلما خسرت أكثر، وكلما تقدم العدوُّ إلى الأمام أكثر يمكنُ لكل بقية بلدان المنطقة أن يتحولَ واقعُها يوماً ما إلى ما هو عليه الحال في فلسطين.. دولة محتلة وشعوب محتلة مسلوبة الحرية والاستقلال تداس وتهان وتذل وتقهر ويقتل الجميع بلا مبالات.
وفي هذا السياق يأتي إعلانُ الخارجية الأمريكية لنقل سفارتها إلى القدس في منتصف مايو القادم، كترجمةٍ عملية لسعي العدو الإسرائيلي بدعم أمريكي؛ لتصفية القضية الفلسطينية، بالتواطؤ والعمالة من قبل بعض الأنظمة العربية، وحالة الضعف والتيهان التي تعيشُه الشعوب العربية والإسلامية، وهو خطوة في سبيل تحقيق إقامة الحلم الصهيوني (إسرائيل من البحر إلى النهر).
والمتأملُ للواقع يلاحظ أن ردّاتِ الفعل حول أخطر قرار يمُسُّ بالأمة العربية والإسلامية لا تعدو عن كونها تفاعلاً محدوداً وبسيطاً، وإذا ما استمر الحال على هذا النحو، تفاعلاً محدوداً على المستوى الشعبي، سينفذ القرارُ الأمريكي في حجمه الأخطر والأكبر وينتهي معه التفاعل الشعبي، وسيتحرّك العدو الصهيوني ليهيئَ الأمورَ لصالحه بشكل أكبر؛ ليؤثر على القضية الفلسطينية وعلى الواقع العربي كله، وسيصل حال البلدان العربية الأخرى كما هو الحال في فلسطين.
وأمام هذا الواقع ليس أمام الأمة من حل يُخرِجُها من هذا المأزق، إلا إذا توحدت واعتصم أفرادها بصورة جماعية بحبل الله الذي يمثّل هدايته التي تأتي لعباده وفيما يرسّخُه القرآن من انشداد روحي، وشعوري نحو الله سبحانه وتعالى، وتعلق كبير وانشداد كبير نحو رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله).
وكما يشير الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي إلى أن أية أُمّة تتحرك في مواجهة أعداء الله تقومُ على أساس الاعتصام بحبل الله، ولا بد أن تكون متوحدةً.
ونحن نلمَسُ آثارَ التفرّق في حياتنا، كيف تضيع كثيرٌ من قيم الدين في حياتنا، ليس شيء من أسباب ضياعها إلا تفرقنا، تسود قيمٌ فاسدة، يسود ضلالٌ، يسود ظلم، تحدث ظواهرُ كثيرةٌ من الفساد والظلم، وليس هناك سبب صريح في سيادتها في أوساط المجتمع إلا تفرقنا، أليس هذا وارداً وحاصلاً؟.