|
“لا” ولا حياد عنها!
بقلم/ وديع العبسي
نشر منذ: سنة و 5 أشهر الأحد 25 يونيو-حزيران 2023 08:41 م
لم تثبت عملية بأس الأحرار وبعدها عملية مستوطنة “عيلي” فقط أن المقاومة الفلسطينية في حالة جهوزية دائمة، أو أن كل محور المقاومة يعيش وحسب حالة استنفار وترقب لمعركة فاصلة تكسر شوكة الكبر والغطرسة والاتكاء إلى الشخصية الصهيونية في أمريكا، ولكن العملية أثبتت أن زمن التأثير أكان بالعصا أو الجزرة، ومصادرة الكرامة والعبث بمصائر المجتمعات قد ولّى، وأن الفلسطيني لن يقبل أقل من أن يستعيد كل أراضيه وقراره على كل بلاده وطرد الغازي المستعمر.
“بأس الأحرار”، عملية تختلف عن ثأر الأحرار، وترتقي إلى مفهوم الإعجاز، إذ كسرت هيبة المحتل الذي سوّق ولا يزال بأنه من أقوى جيوش العالم، والقادم بكل تأكيد سيكون مختلفاً.
وفي كل حدث مقاوم، إضافة حاسمة، لخطوة في اتجاه تأكيد حق تقرير المصير على كل الأراضي المحتلة دون أي اجتزاء للأرض أو تدخل من أحد.
بفعل سريع واستثنائي شكّل صدمة للعدو الذي غزا جنين في عملية أرادها مباغتة وسريعة لا تمنح الفلسطينيين الفرصة للرد، فظهر رد الفعل المقاوم بحجم وصيغة أظهرت أنها في وضعية المستعد دائما لقدوم الضيف المزعج لتباشره بالمواجهة.
والاستثناء هذه المرة أو الإضافة إلى ما كان بالنسبة لما سبقته من عمليات، هو التجريب الناجح للسلاح المحلي الذي أحرق عربات العدو، ثم ما لحقه من إصرار بالتنكيل بهذا المتغطرس ليتم محاصرة عدد من مسلحيه ولم ينجح في فك ضائقته إلا بعد تفعيله لطيرانه الحربي.
ثم اللافت الآخر، هو تنفيذ المقاومة بعدها لعملية مستوطنة “عيلي” التي جاءت انتقاما لشهداء جنين، واستمرار الفعل المقاوم.
هكذا الأمر في اليمن، البلد القادر إن تحرر من المؤامرات الخارجية والداخلية وهيمنة المفاهيم الضيقة التي تبيح للفرد أن يبيع استقرار مجتمعه من أجل مصالحه، هذا البلد في الظروف النظيفة من هواء الأعداء السام قادر أن ينطلق ويبني حضارة حديثة تستند إلى التاريخ وتستفيد من كل معطيات الحاضر بما يجعله فاعلا ومؤثرا في المستقبل.
مع ذلك، لا العدو الخارجي ولا العدو الداخلي – والداخلي أشد نفاقا- بمقدوره تطويع الشعب لممارسة أحقاده على هذا المجتمع وفرض إرادته عليه.
ربما دناءة ما يحدث في القضية اليمنية أن العدو يستخدم أسباب الحياة لفرض وصايته وإرادته على المواطن اليمني فيحرمه من حقه من الثروة بصورة جمعت كل أشكال الدناءة في نموذج واحد للتآخي مع الشيطان، فإن تذهب الخصومة ومحاولة فرض الرؤية لاستخدام قوت الناس وسيلة لتحقيق هذا الغرض فإن في ذلك منتهى الحساسة.
رغم كل أشكال الاختراق، فشل العدو في تحقيق هدف السيطرة، فصار من اليأس يعمل بوضوح على تنفيذ أجندته، ليعمد إلى صنع تكوينات مسلحة، وإنشاء القواعد العسكرية كما وتقييد البعض باتفاقات، إنما أيضا سيبقى اليمن أرضا ملتهبة ستنفجر ذات يوم ولن تُبقي عليها ديّارا.
اليمني قال “لا” لفرض الوصاية ونهب الحقوق، وهذا لا يذهب بمعناه إلى تأويلات أخرى غير “لا”، ولذلك فإن فعل التصنيع العسكري والفعل الدفاعي والهجومي يأتي معززاً لهذا الموقف الثابت.
*نقلا عن :الثورة نت |
|
|