النظامُ السعوديُّ -من خلال المراوغة المفضوحة- يبدو أنه استغل التواضُعَ والحكمةَ اليمنية والحرصَ الكبيرَ من قيادة الثورة، ممثلةً بالسيد القائد عبدالملك الحوثي، الحريصة على حقن الدم العربي، وتوجيه السخط والغضب تجاه العدوّ الحقيقي والعدوّ الأكبر والأشد خطراً (اليهود والنصارى) وعلى رأسهم الأمريكي والصهيوني.
مماطلةُ النظام السعوديّ ستكلفه الكثير، وستجعلُه أكثر انبطاحاً للبيت الأبيض وتل أبيب، وليس مُجَـرّد بقرة حلوب تدر اللبن فقط، بل سيُفرَضُ عليه القبول بـ”المِثلية” كما فُرض عليه القبول بالتطبيع مع الصهاينة وخيانة القضية الفلسطينية.
لكن السعوديّة -ومن خلال الفتور وعدم الجدية في إنهاء الحرب ورفع الحصار- تريد أن تبقى هي الأدَاةَ الرخيصةَ والمرآةَ التي تعكسُ الحقدَ اليهودي، والعصا التي تتَّكِئ عليها أمريكا وربيبتها “إسرائيل”.
ولا تريدُ لنفسها العزةَ والأمنَ والأمانَ ولا أن تجنِّبَ نفسها السخط العربي واليمني العاقد عزماً على محاربة الشرك ورفع الظلم والاستكبار الأمريكي عن مستضعفي العالم، وهي تقف في طريقهم عائقاً وتنفذ ما تريده أمريكا عبرها ضد الشعوب العربية، خَاصَّة شعوب محور المقاومة والممانعة.
ولهذا يجب على النظام السعوديّ أَلَّا يختبرَ صبرَ وحكمةَ قيادة الثورة، وكذا صبر وعزيمة مجاهدي الجيش اليمني ومن خلفهم الشعب والقبيلة اليمنية الصابرة والمجاهدة، ولا يتلذذ بمعاناتهم وحصارهم؛ فلا يزالون ينظرون إليه أدَاةً رخيصةً، ويركن لما هو أضعفُ وأجبنُ منه.
عليه أن يقدِّرَ النعمةَ التي أُسديت إليه من قبل الشعب المجاهد اليمني الذي علّق ضرباته الباليستية؛ فهو إن استمر بمماطلته ومراوغته فلن ينجوَ من الجحيم اليمني الذي ينتظرُه في المستقبل، خَاصَّةً ونحن نراهُ يرتمي بالحُضن الأمريكي والإسرائيلي، أحطَّ مما كان عليه سابقًا، وكما يقول المثل: “الحجر من القاع والدم من رأس القبيلي” و”ترك الفرصة غُصة”.
عليه أن يحدّد قرارَه ويدركَ جيِّدًا أن الخطر الأمريكي قادمٌ عليه لا محالة؛ فالصهاينة والأمريكان يريدون له ولغيره من الأنظمة العربية السقوط، إمّا بأيديهم أَو عن طريق أدوات مثلهم، أَو عن طريق الشعوب العربية التي ستصحو في ذات يومٍ وتقلبُ دُنياهم رأساً على عقب، ولن ينصره اليهود وإن كان قد وعدوه؛ فهم أجبن وأضعف من أن يواجهوا الشعوب إذَا قرّرت مصيرَها واستعادت سيادتَها بعيدًا عن التدخلات الغربية والشرقية.
لن يظل الشعب والقيادة اليمنية والمجاهدون مكتوفي الأيدِي عن الرد والانتقام وأخذ الحق ممن ظلمهم، ما يزال الإعداد العسكري جارياً على قدم وساق في العُدة والعتاد، الذي سبق أن تجرّعَ النظام السعوديّ بشيء من بأسه؛ فكيف به سيقوى أمام جحافل الجيوش التي تخوض غمار التدريب القوي والإعداد الجيد عسكريًّا ومهارياً وعقائدياً قرآنياً، ويتشوقون لقتال الأعادي وفق الأمر الإلهي.
يجب على النظامَين السعوديّ والإماراتي ومن معهم من المرتزِقة أن يتفهموا الموقف اليمني ذا الحكمة والبصيرة، وأن يعيوا الخطرَ المحدق بهم في حال استمروا بالمماطلة والارتماء بالحضن الأمريكي، وليدركا أن الخيارَ الناجحَ هو إيقاف العدوان ورفع الحصار وعدم التدخل بالشأن اليمني، والعودة للحُضن العربي، مع أحرار العروبة والإسلام ضد المشروع الصهيوني الأمريكي والذي يتهدّد المنطقة بكلها.