ما يعانيه أبناءُ المحافظات المحتلّة من تردٍّ في الأوضاع المعيشية والاقتصادية مؤلمٌ جِـدًّا؛ فالعيش في ظل الاحتلال يعني الامتهانَ للكرامة الإنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
كان الأحرارُ في صنعاء يحذِّرون من مآلات وضع تلك المناطق وهي ترزح تحت حكم الاحتلال الإماراتي والسعوديّ ومن خلفهما المرتزِقة، لكن تلك الأصوات كانت تصطدم بالتعنت وعدم الاصغاء، وكانت أصابع الاتّهام تتجه صوب “أنصار الله” ولم تتورع أبواق المرتزِقة في تحميل صنعاء وزر كُـلّ ما يحدث من معاناة في مناطقهم، مع أن الحقيقة ساطعةٌ وواضحة لكل ذي لب.
الآن تعلو أصوات أبناء المناطق المحتلّة، أوجاعهم تملأ كُـلّ الأرجاء، والمعاناة تتراكم فوق بعضها البعض، الدولار الأمريكي الواحد يتجاوز ١٥٠٠ ريال، والانفلات الأمني وصل حدّاً لا يطاق، ومسكين من يعيش في هذا الجحيم، وفي هذا البؤس المؤلم.
قلناها مراراً وتكراراً: لا خير في الاحتلال، وتجارب الشعوب والبلدان تحكي عن قسوة وعربدة المحتلّين للأوطان، ومن المستحيل أن يأتي الغزاة ليفرشوا الأرض بالورود، ويعمرون الأرض، ويصلحون حال الناس، ولو كان الأمر كذلك لكانت عدن مثل دبي وحضرموت مثل الرياض.
كلنا يعرف ماذا عملت أمريكا في العراق وأفغانستان، وماذا تعمل “إسرائيل” الآن في فلسطين، وماذا عملت فرنسا وبريطانيا عندما احتلت البلدان في الماضي، جرائمُهم واحدة، وظلمُهم للشعوب واحد، أهدافُهم كانت تتركز في نهب ثروات الشعوب وسلب خيراتها، والتاريخ لا يزالُ يخبرُنا كيف قضى سكانُ الشعوب المحتلّة في السجون، وكيف ماتوا تحت سياط الجلادين جراء التعذيب الموحش، وكيف مات البعض جوعاً، وكيف عاشوا في ذل ومهانة وانتزاع للكرامة.
واليوم يتكرّر الحال مع إخواننا في المحافظات المحتلّة؛ فالاحتلال السعوديّ والإماراتي يسير على درب الغزاة، السجون مليئة بالأبرياء الذين يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب، والنهب للثروات متواصل، والعيش في ظل هذا الاحتلال مهين ومؤلم للشعوب.
الخيار الوحيد أمام الأحرار في المحافظات المحتلّة هي الثورة، والكفاح المسلح، وتوجيه بُوصلة العداء نحو المحتلّين، وتوثيق الصلة بالأحرار في صنعاء؛ ليكون التحَرّك موحداً، والعمل منظَّماً، وحين يخرج الاحتلال مهزوماً ذليلاً يكون أبناء المحافظات المحتلّة قد أزاحوا عن طريقهم أبرزَ العقبات أمام حريتهم وعزتهم وكرامتهم.