ليس غريباً على أحفادِ الأنصارِ الارتباط والتفاعل والمحبة والتعلق الحميمي والوجداني برسول الله محمد (صلوات الله عليه وعلى آله وسلم).
كيف لا ونحن مَن وهبَنا الله سبحانه وتعالى شرفاً عظيماً في تاريخ الإسلام بأن جعلنا ذُخراً لنصرة الدين وأنصاراً للرسول الكريم في أول التاريخ وفي آخره.
ففي أول التاريخ كان أجدادنا الأوس والخزرج ذُخراً للدين وأنصاراً للرسول محمد (صلوات الله عليه وعلى آله وسلم) بعد أن أبقى عليهم الملك (تُبع اليماني) في المدينة ليكونوا ذُخراً لخاتم الأنبياء والمرسلين، وفعلاً عندما جاء الوعد الإلهي وأتى النبي الكريم إلى المدينة مهاجراً استجابوا له بكل رغبة، وكانوا له الأنصار والمدد حين بايعوه على النصرة والجهاد ورفع راية الإسلام والإيواء له ومن هاجر معه، فكانوا بذلك كما قال الله عنهم في كتابه الكريم: «وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أنفسهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ».
فعندما أتى الوعد الإلهي كانوا هم الأوفياء له حين استجابوا وسارعوا في الاستجابة لله ورسوله «تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ»، استوطنوا الإيمان كما استوطنوا الدار من قبل، فكان إيمانهم راسخاً وثابتاً من قبل الهجرة، بل ومن قبل البعثة بكلها، بقوله سبحانه وتعالى: «فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ».
مسؤولية عظيمة وجليله إلى درجة أن الله سبحانه وتعالى كان قبل البعثة المحمدية والهجرة من مكة إلى المدينة قد أعد لحمل هذه المسؤولية رجالاً جديرين بحملها وأنصاراً للدين وللرسول والرسالة، وهذا شرف عظيم لنا نحن اليمنيين أن جعلنا الله أنصاراً لنبيه وذُخراً لنصرة دينه من قبل بعثة الرسول والرسالة إلى يومنا هذا وإلى قيام الساعة، شرف عظيم وارتباط وثيق ووجداني وتاريخي بنصرة دين الله على مر العصور.
وما نجد كُل هذا التميز والاحتفاء الكبير لشعب اليمن وأحفاد الأنصار بذكرى المولد النبوي الشريف إلا تعبيراً بسيطاً عن الفرحة والارتياح وإظهاراً للبهجة والسرور وعن الارتباط الوثيق والوجداني والتاريخي برسول الله، وبرغم المعاناة الكبيرة الناجمة عن العدوان الأمريكي السعوديّ الغاشم والظالم لا يزال شعبنا اليمني متمسكاً بتفاعله الكبير والمتميز مع هذه الذكرى وكُلّ شيء يرتبط برسول الله محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) وتعظيمه.
فهنيئاً لنا نحن شعب اليمن هذا الشرف العظيم، وهنيئاً لنا أن نستمرَّ ونحذوَ حذوَ أجدادنا الأنصار في نصرتهم للإسلام وفي التمسك بمبادئ الإسلام وبقيم الإسلام وبالارتباط الحميمي والوجداني وبالمحبة العظيمة لنبي الإسلام محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) وبالتمسك بعزة الإسلام وبحريته، الإسلام الذي جعل منا شعباً مستقلاً لا يقبل بالتبعية لأعداء الله ولا للمنافقين ولا لمن عبدوا أنفسهم لأمريكا و«إسرائيل» أعداء الإسلام والمسلمين وأعداء البشرية والإنسانية.
هنيئاً لنا هذا الاستمرار على نهج الأنصار، برغم ما فيه من تضحية وعناء، إلا أننا سوف نجعل من هذه الذكرى محطة نتزود منها الكثير والكثير بعطائها العظيم، العطاء المعنوي والتربوي والأخلاقي الذي يعزز ثباتنا وصمودنا في مواجهة التحديات الكبيرة والصعوبات العظيمة، حتى نكون فعلاً وعلى الدوام كما قال رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله): «الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية».
* نقلا عن : لا ميديا