استعرضت صنعاء بعضًا من قدراتها العسكرية النوعية في ذكرى ثورة الـ 21 سبتمبر التي غيرت وجه اليمن ونقلته إلى مصاف الدول ذات القرار السيادي.
العرض العسكري في صنعاء، يأتي مكملًا لعرض الحديدة العام الماضي، والذي اوصلت من خلاله صنعاء رسائل عسكرية تتعلق بالبحر، ترجم بعض منها خلال منع السفن الأجنبية من نهب الثروة في المكلا وشبوة ولاحقًا عدن.
لكن ما ميز عرض صنعاء ــ وهو الأكبر ــ قدرة اليمنيين على بناء جيش قوي قادر، ويمتلك قدرات عسكرية دفاعية ضخمة، وعديد مدرب ومجهز لخوض غمار أي حرب دفاعية، ناهيك عن قدرات تتعلق بالتموضع الإقليمي في مواجهة الكيان الاسرائيلي.
لا يمكن لعقل أن يستوعب كيف تمكنت قيادة ثورة تتعرض لعدوان منذ تسع سنوات، من بناء جيش بهذا الحجم، وهذه القدرات التي وضعت معادلات إقليمية دفعت دول العدوان إلى مسرح التفاوض الندّي، وهو ما يستدل عليه من جولات التفاوض الأخيرة في صنعاء ومسقط والرياض.
استفادت صنعاء من هدنة العام 2022، ووظفتها حيث يجب، وهي اليوم إذ تستعرض بعضا مما بنته خلال العام والنصف الماضيين، تبين أنها جاهزة للذهاب بعيدا في الدفاع عن اليمن وتحريره بالسبل كافة.
عسكريا، الرسائل كثيرة وهي في أكثر من اتجاه، سواء لدول العدوان المسماة "التحالف" أو القوات الغربية وعلى رأسها الأمريكية التي تتموضع بحريا وبريا في أكثر من نقطة على امتداد الجبهة اليمنية.
أما سياسيا، فإن رسالة الاستعراض العسكري وما تضمنه من قدرات صاروخية ومسيرات نوعية، تؤكد أن صنعاء مستعدة للذهاب بعيدا ما لم يتم تلبية مطالبها بدءا من الملف الإنساني ووصولا إلى السياسي منه وانسحاب القوات الغازية.
لا شك أن هذه الرسالة قد تساعد في تليين أي مواقف متصلبة لدى دول العدوان، أو حتى التصلب الأمريكي لجهة الضغط على الرياض ومنعها من الذهاب بعيدا في التفاوض مع صنعاء.
إن القدرات العسكرية اليمنية، تشكل ضمانة لدفع العدوان إلى الوفاء بالتزاماته المرتقبة، خصوصا أن هذه القدرات هي التي جلبته إلى طاولة التفاوض بعد فقدانه القدرة على تحقيق أهدافه بالقوة العسكرية، وهي التي دفعته إلى تقديم تنازلات جمة، قد تزداد في المرحلة المقبلة.
تبقى الإشارة إلى أن عدم التقاط إشارات العرض العسكري وما تضمنه والتصرف بمقتضاها قد يؤدي إلى تصعيد ما إن فشلت المفاوضات، خصوصا أننا أمام فرصة أخيرة غير قابلة للتجديد.
* نقلا عن :موقع العهد الإخباري