معركةُ “طوفان الأقصى” الكُبرى التي شعَّ نورها فجر يوم (7/أُكتوبر/2023م) والّتي كانت في صباح عزّ وفخر وانتصار، صباح عنفوان وتحدٍ وَإباء، عمليةٌ كانت بمثابةِ كسرٍ لكبرياءِ المحتلّ الصهيونيّ البغيض، جرّعتهُ أفظع الخسائر البشريّة، العسكريّة، المعنويّة، والماديّة، أثبتت أنَّ الحربَ الفعليّة هي حرب العقيدة الأقوى وليست حرب الوجود الزائل، لقد ذكّرتنا بمعركة الفرقان (2008 – 2009م) الّتي خلّفت 100 قتيل إسرائيلي و500 جريح، يتفقُ طوفان الأقصى والفرقان فِيْ الإرادَة القتاليّة المُشتعلة والتقدم البطوليّ الحاسم، ويختلفان فِيْ أعداد القَتلى الإسرائيليين؛ لأَنَّنا اليوم نتحدّثُ عَنْ آلاف مِنْ القتلى والأسرى وليس مئات أَو عشرات، وهذا تأييد ونصر من الله ذو القوّة المتين، مَنْ أعزَّ جُنده ونصر عبده وهزمَ الأحزاب وحده، ساعاتٌ فقط كانت كفيلة بـنسفِ وهمٍ دام لعقود؛ لأَنَّ جيش المقاومة الفلسطينية تحَرّكوا رُغم قِلة عددهم من مُنطلقِ قولهِ تعالى: (سَأُلْقِي في قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فاضْرِبُوا فَوْقَ الأعْناقِ واضْرِبُوا مِنهم كُلَّ بَنانٍ)، وفعلاً هذا ما حدث في ساحةِ القتال؛ لأَنَّ اليقين بالله وبـوعوده أوصلهم إلى برِ النّصر والأمان معاً، طوفان الأقصى تُعتبر ضربةً قاصمة لظهورِ الأعداء، ومفاجأة كُبرى لكلِّ شخص تنفس الحُريّة وأبى الذلة والهوان، أخذت بثأر من ظُلموا وقُتلوا بغياً وعدواناً في أرضهم وبلدهم، أذهلت العالم أجمع؛ لأَنَّها أقوى معركة ضد الكيان الصهيوني على مرّ التاريخ ولم يسبق لها مثيل، تفجّرت بُركاناً في وجوهِ المحتلّين، حمي الوطيس، تفرّق الإسرائيليون كالفراشِ المبثوث، وجاء اليوم الموعود لكل خائن وجبان وعميل، فاللهمّ نصراً، قوةً، عِزةً وتمكيناً.
خلال هذهِ الأحداث الّتي تجري في فلسطين الإباء، وما تتلقاهُ من ضرباتٍ جويّة، بريّة، وبحريّة، نعيش الوجع العميق الذي سيُحفر في جُدران القلب ولن تمحوه الأيّام ما دمنا أحياء، نتألمُ على تِلك الضّحايا الّتي قُصفت وتناثرت أشلاء تحت الأنقاض، نبكي حُزناً وألماً مِنْ تلك الوحشيّة الّتي يتم الضرب بها وتلك الانتهاكات الدولية والتعديات المدنيّة، اتّفاقية جنيف لعام (1980م) تنصُ على أنَّ استخدام الفوسفور الأبيض ضدَّ المدنيين وحتى “الأعداء” يعتبر جريمة حرب، ولكنّ الكيان الصهيونيّ يقوم بحربِ إبادة جماعيّة بحقِ الأبرياء الفلسطينيين، مُتعديّاً كُـلّ القوانين والأنظمة والحدود، ومعَ كُـلّ تلك الأوجاع رأينا تصريحات الدول العبريّة المُطبِعة منذ عقود من تحت الطاولات، ظهرت علناً جهاراً نهاراً وبكل تبجح وانحطاط، لتُعلن وقوفها الكُليّ إلى جانب العدوّ الإسرائيلي الذي عاث في الأرض فساداً وإجراماً، كُشفت الأقنعة واتّضحت النوايا، سقط الإسلام واختفت العروبة، ساد الخُذلان ودمّـرت الشهامة، وبعد كُـلّ ذلك يظهر الرئيس الأمريكي ليقول بأن ما تفعله المقاومة الفلسطينية بالجنود الإسرائيليين يُذكره بما تقوم به داعش! يا للعجب العُجاب! أحقاً ما يقول؟! من يتحدث؟! ألا يعلم أنه المؤسّس الأول لجماعة داعش التكفيريّة الإجرامية؟، أم أنه لا يعلم أنه الممول الرئيسي لهم؟ ربما لم يكن بوعيهِ تلك الليلة، كان تصريحاً يدعو للسخريّة منه، ولكنّه أَيْـضاً إعلان للمُطبعين لكي يعلموا أنهم أحذية سيتمّ التخلّي عنهم في حين انتهاء مُدّة خدمتهم، نُدين ونستنكر كُـلّ هذه الفوضى والحماقات الّتي تجري، كفى تلاعباً بدماء الأبرياء؛ لأَنَّها ستكون بحراً يجرف عروش المُستكبرين، وصدق الله القائل: (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
حوربت فلسطين من كُـلّ الأرجاء العربيّة والغربيّة وحَـاليًّا تعيش مأساةً كبيرةً وَواسعة، تكالبت عليها كُـلّ قِوى الشرّ والعدوان، ولكنّ هُناك دوماً وميض أمل رغم كُـلّ المصائب والدمار، وهو ظهور قائد ثورتنا السيّد الشُجاع الصّادق المِقدام، بخطابٍ مُساندٍ لأهالينا في غزة، قال كلمتان أزاحتا عنهم خُذلان العالم بأكمله “لستم وحدكم”، كانتا بمثابةِ كميّة مواساة عظيمة، وَوعد قدومٍ قريب، وأعلن أَيْـضاً عن التّنسيق التّام بيننا وبين محور المقاومة، وهذا بحد ذاتهِ رُعب للأعداء، وتغيير لموازين المعركة، فاليوم ومن بعد تحذيره من التدخل الأمريكي المُباشر لا وجود لـ (إما، أو) في مُعادلة المظلوميّة الفلسطينية هُناك حلٌّ واحدٌ فقط هو: رحيل المحتلّ رُغماً عنه.
نُريدُ القول بأن ما بدأته كتائب القسّام وكلّ المُشاركين في عمليّة طوفان الأقصى لن ينتهي إلاّ بخروج آخر محتلّ إسرائيلي، ولن تُقبل أية وساطات أَو حلول؛ لأَنَّها المعركة المفصليّة الحاسمة، ولا توقف إلا بنزع جذور الخبث والفساد من أرضِ الزّيتون، ونحنُ على ثقة بأن المقاومة الفلسطينية ومن يُساندها سوف تُحرّر القدس كما تحرّرنا من الوصاية والتبعية والانجرار خلف بضعة مُتصهينين عرب، وأرغمناهم على وقف العدوان الصهيوأمريكي السعوديّ الذي دام لمدة 8 أعوام متواصلة، لن تتوقف معركة طوفان الأقصى؛ لأَنَّ الأرواح الّتي غادرت الحياة لن ترتاح إلا بالانتصار على من تسبب في قتلها وحصارها، وهذا ما سيكون ولا تراجع.
هي الأيّام تمضي وتُثبت كُـلّ التوقعات والآمال، كُنا ولا زلنا وسنظل نحنُ اليمنيين أول المُناصرين والمُتضامنين مع القضيّة الفلسطينية سواءً بالقول أَو الفعل، نُعظم يومَ القُدس العالمي الذي هو آخر جُمعة مِنْ شهرِ رمضانِ المُبارك، نخرجُ فيه أفواجاً مُتقاطرة، نُسمع العالم أجمع صوتَ ثباتنا على المبدأ والعقيدة، ونبيّنُ مدى ارتباطنا الرُّوحي الوثيق بإخوتنا في الأقصى، تجمّعنا في غضون ساعتين فقط من كُـلّ فجٍّ عميق لنتصدّر سُرعة الدعم الثّوري لعمليةِ طوفان الأقصى المُفاجئة، في ساحةٍ يمنيّة هتفت وكل حاضريها بـ “لبيّكَ يا قُدس” من عُمقِ الوجع والحِصار، نضع أيدينا بــيدِ قائدنا أبا جبريل تضامناً ودعماً لأهالينا في الأقصى المُحرّرة قريباً بإذن الله، ونقولها بملء الأفواه حاضرون ومستعدون وفي أتمّ الجهوزيّة للتحَرّك نحو فلسطين لنُصرة المقاومين هُناك فنحن أهل السند والمدد، نحن أنصار الحقّ أينما وُجِد، وأعداء الظُلم أينما ظهر، وليعلم القاصي والداني أنَّ التجنيد سارٍ، الصواريخ حاضرة، المُسيّرات موجّهه، الأليات مُجهّزة، الجنود مُدرّبة، المعنويات عالية، الهامات شامخة، الرايات مُرفرفة، الأقدام مُزلزلة، والجيش ماضٍ في تقدمٍ دون تراجع، وهذا دليل قاطع بأنَّ اليَمنَ تتأهب لإمدَاد فلسطِين.