قال تعالى: (وَاقْتُلُوهُمْ، حَيثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم من حَيثُ أَخْرَجُوكُمْ) أي الذين أمر الله بقتالهم، حَيثُ ظفرتم بهم {وَأَخْرِجُوهُمْ من حَيثُ أَخْرَجُوكُمْ} من البلد الذي كنتم فيه وهم فيه، فأخرجوكم منه بغير حق، إن أمكنكم إخراجهم وتطهير البلاد من رجسهم فأخرِجوهم.
الآية الكريمة فيها لُبّ ما يحدث اليوم في فلسطين الأبيّة، لقد تحَرّك الأحرار للقتالِ والهجوم هُناك تحَرّكاً صادقاً نابعاً من قوّة التمسّك بـأولى القِبلتين وثالث الحرمين، لقد تحمّلوا أصناف العذاب والإهانات لمدة تزيد عن 75 عاماً، هُتكت الحُرمات، أُريقت الدماء، ذُبحَ الشّباب والصِبية، قُتلت النساء على قارعةِ الطرقات، سُحِل الولدان والشيبان، اُنتزعت الحجابات من على رؤوس الفتيات، ضُربت البيوت ودمّـرت المساجد، لم تبقَ حُرمةً إلا وهُتكت وداس عليها اليهود والنّصارى، كُـلّ ذلكَ وأكثر والمواطنون يتألمون ويتوجعون ويقاومون بكل ما استطاعوا، تكبّدوا العذاب والحرمان بشتى أنواعه، استغاثوا بمن يدّعون العروبة ولكن لا فائدة ولا جدوى، (350) مليار دولار تكلفة الحرب على اليمن! لو أنّ هذه المليارات سُخِّرت لتحرير فلسطين لكانت كافية، لكن المملكة العبريّة الهالكة تجرأت وطبّعت مع إسرائيل بل واستقبلتها واحتفلت بها، تصريحات رسميّة بالفخر بما فعلته، عليها لعنة الخالق هي ومن تبِعها ما تعاقب الجديدان.
ما رأيناه من مشاهد للمقاومة الفلسطينية الفولاذية وكتائب القسّام، حقّاً أشفت وأثلجت صدور قومٍ مؤمنين، أعادت شغف الحُرية والكرامة، جددت فينا العزّة والفخر، أنعشت أرواحنا، أبرزت اسم فلسطين الشامخة الّتي لا بُـدَّ أن تكون في أوج قوّتها وسيطرتها على حقها المنهوب، لقد جسّدت المشاهد والصور قوله تعالى: (لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى، وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ).
شبّت الحرائق على المحتلّين، تسارعت خُطاهم خوفاً وهلعاً، مشوا كالأنعام مُطأطئي الرؤوس، مذلولين، خانعين، مكبلين، رُغماً عنهم سيندحرون، وسيدفعون ثمن تواجدهم الماضي والحاضر غالياً جِـدًّا، سيذوقون من نفس الكأس الذي جرعوه للأبرياء والمساكين، ستمرغ أنوفهم في التراب إنصافاً لمن رحل، ووفاءً لمن وصّى.
نُحييّ ونُعظم كُـلّ من شارك في عملية طوفان الأقصى الكُبرى، بوركتم يا أبطالنا وبوركت سواعدكم الطّاهرة، اضربوا بـأيادٍ من حديد، لا رحمة اليوم لمحتلّ ناهبٍ دنيء، نشدُّ على أيديكم أيها الأحراء الشرفاء، يا من بكم ستنتصر الأُمَّــة وتعود لمجدها من جديد، نفخر ونعتزُّ بكم، أنتم نحن ونحن أنتم، لن نترك المحتلّ يُدنس أرضنا، ها نحنُ اليوم من وسط الجمهوريّة اليمنيّة وبالتحديد من قلبها النابض “صنعاء” نشارككم معركتكم ونصركم العظيم على المحتلّ اللعين، نقف إلى جانبكم حتّى بالكلمة، ولا زلنا كذلك معكم في السّراءِ والضّراء رغم العدوان الشرس علينا رغم كُـلّ ما نعانيه في بلدنا، خرجنا وكُلنا يقين بأننا سنكون فاتحين مُنتصرين سويّاً، خرجنا دعماً للانتفاضة الفلسطينية الحُرّة ومقاومةً للإرهاب الصهيوني التكفيري، نؤكّـد بأن القدس لا زالت قضيتنا الأولى ولن نتركها ماحيينا؛ لأَنَّها مِلكنا ومسرى نبيّنا.