كل الأسئلة تبحث عن إجابة والحياة كلها سؤال ضخم يبحث عن إجابة نحاول تبسيطها تُلخصها حياة كل إنسان وكل حي وحاصل جمعها ربما تشكل الإجابة.
وفي البحث عن مسؤولية اتخاذ قرار الكفاح المسلح من أجل نيل الحرية والاستقلال أو الحرب بمختلف صورها يجتهد الكثيرون هذه الأيام في محاولة الإجابة على سؤال يطرح في كل مكان وعلى كل مستوى مضمونه: (هل أخطأت حماس أم أصابت في اتخاذ قرار البدء بـ(طوفان الأقصى)؟!، طرح السؤال في مقيل أحد الأصدقاء الأعزاء وكانت إجابات أغلب الحضور مفيدة كل من زاوية، ولتوخي الوصول إلى الصواب لابد من النظر في ما يطرح من جميع الزوايا لأن أهم أسباب البعد عن الحقيقة ادعاء الإنسان امتلاكه كامل الحقيقة.
قلت في محاولة الرد: إنني أشعر بالضيق الخانق من الواقع الجاثم على أمتنا منذ أمد وفي اعتقادي أن الإجابة على السؤال المطروح تمر عبر ضرورة الإجابة على أسئلة أخرى منها:
1 – هل من حق حماس أو أي فصيل من فصائل المقاومة الفلسطينية أو أي رئيس لأي دولة أو حزب سياسي أو نظام حكم أن ينفرد باتخاذ قرار الحرب أو القيام بعملية استراتيجية كعملية طوفان الأقصى؟!.
2 – السؤال الثاني متعلق بمسألة تكتيكية تمس الأولويات والخيارات ومواجهة الاحتمالات وهو: بعد أن انطلقت العملية وأعلنت حماس القيام بها على مسؤوليتها بتكتم كامل أي دون التنسيق مع أي من فصائل المقاومة الفلسطينية أو محور المقاومة هل هناك من يجب أن يتحمل المسؤولية غير حماس؟! أما السؤال الثالث فهو: هل من المناسب الآن طرح السؤال محل النقاش أم يجب التركيز على كيفية المشاركة في فعل المقاومة طالما وقد وقعت الواقعة؟! وفي كل الأحوال السؤال مطروح على كل المستويات منذ اللحظة الأولى للعملية التي صاحبها الكثير من الخدع الإعلامية التي استغلتها إسرائيل بخبث ومعلوم أن هذا الكيان لا يحتاج لأي مبرر للقيام بفظاعاته فهو يمارس الإبادة الجماعية الممنهجة للشعب الفلسطيني بمختلف الأساليب منذ حوالي خمسة وسبعين عاماً: وإزاء ما يجري تتجاذبني المشاعر متضاربة ومتناقضة إزاء الواقع العربي والإسلامي الذي تهيمن عليه حالة الانفصال بين إرادة الشعوب وممارسات الحكام ما يدفع إلى الشك في وجود إرادة حقيقية للشعوب وإلا فما الذي يبقيها على هذا الحال الذي تسيطر عليه محاولات حثيثة في تزييف الوعي والتلاعب بالعقول إن كان ثمة بقية عقول، مشاعر الحزن والأسى والقلق والاشمئزاز تعصر روح كل حر نتيجة الانفصال الحاد بين ما يطلق عليه (السلطات العربية) وبين ما يطلق عليه (الشعوب العربية) وسيعجب القارئ من المساواة بين السلطات والشعوب في وضعها داخل قوسين، بل إنني أعتقد أن الشعوب أولى بهذا المكان، لأنها صاحبة الحق في السلطة ومن ثم فإن السلطات حين تحول الشعوب إلى مجرد قطعان تسقط قيمتها كأصيل!؛
كل شعوب الأرض تتعرض بين فترة وأخرى إلى أزمات ولكنها سرعان ما تخرج منها لأنها لا تسمح لقلة من الأفراد (الحكام ) بأن تمتلك زمام أمرها وتحركها كالدمى حيث تشاء وتتحكم في مصيرها وخيراتها، وبعض الحكام لا يملكون من أمرهم شيئاً فهم مجرد أدوات لسحق الشعوب ونهب خيراتها وتهريبها إلى الخارج، أعلم أن هذا لا يروق لمن يرددون عبارات نفي نظرية المؤامرة وكأن الشفافية والنزاهة والعدالة تحكم العالم، وكأن جميع الحكام جزء لا يتجزأ من جسد الشعب وروحه، إنني لا ألوم السلطات المهيمنة على الشعوب ولا أحملها كامل المسؤولية في ظل هذا الفضاء الذي اتسع باتساع العلم وانتشار الوسائل الحديثة والقدرة السحرية الفائقة على سرعة نشره في أنحاء العالم في مدة قياسية بل في نفس لحظة الحدث العلمي أو المعرفي وكيفية التعامل الإعلامي مع الخبر والرأي، صحيح أن وسائل تزييف الوعي تطورت هي الأخرى بقدر تطور وسائل العلم والمعرفة واللوم على من يفرط في حريته ويعجز عن التمسك بها والاستفادة منها أكثر من لوم الحكام الذين خُدعوا باعتمادهم على القوى المهيمنة عالمياً في البقاء في السلطة أو في الوصول إليها وأقول خدعوا ليس تبريرا لاستلابهم ولكن لاعتقادي أن اعتمادهم عليها لا يمكن أن يمنحهم الاطمئنان والسعادة والأمن مثلما تمنحهم العلاقة السوية بينهم وبين شعوبهم ، لقد شاهدنا الكثير من نماذج الحكام الذين ربطوا مصيرهم بالقوة الخارجية وعرفنا ما آلوا إليه، القوة والعجز في التعامل مع المتاح منها تنبع من ذات الإنسان لا من خارجه.
الفصل من أصلهِ يولدُ
الحكام أبناء الشعب
العصاة منهم والنجباء
لا مفر من رؤية الفرق بين النور والظلام
البداية أصل الحكاية
فلسطين عمق السؤال وعمق الجواب.
*نقلا عن : الثورة نت